الاربعون حديثا :319
وشكر بسائر الجوارح وهومكافأة النعمة بقدر استحقاقها) انتهى .
وقال العارف المحقق الخواجة الانصاري (الشكر اسم المعرفة والنعمة ، لأنها طريق لمعرفة المنعم) .
وقال الشارح المحقق (إن تصور النعمة من المنعم ، ومعرفة أن هذه النعمة منه ، هو الشكر بعينه كما روي عن النبي داوود عليه السلام أنه قال : يا رب كيف أشكرك مع أن الشكر نعمة أخرى ، وتستدعي شكرا آخر ؟ فأوحى الله تعالى عليه ، يا داوود عندما عرفت بأن كل نعمة نازلة عليك ، تكون مني ، فقد شكرتني) .
يقول الكاتب : إن ما ذكره المحققون في الشكر مبني على المجاز والمسامحة ، لأن الشكر لا يكون نفس المعرفة بالقلب ، والاظهار باللسان ، والعمل بالاعضاء والجوارح ، بل هو حالة نفسية ناجمة عن معرفة المنعم والنعمة وأن هذه النعمة من المنعم ، وتنتج من هذه الحال الاعمال القلبية والقالبية العمل بالجوارح . كما ذكر للشكر بعض المحققين معنى يقترب من هذا المعنى ، رغم أن كلامهم ايضا لا يخلو من المسامحة .
وقال المحقق (1) الطوسي قدس سره : الشكر أشرف الاعمال وافضلها واعلم ان الشكر مقابلة النعمة بالقول والفعل والنية وله أركان ثلاثة :
الاول معرفة المنعم وصفاته اللائقة به ، ومعرفة النعمة من حيث إنها نعمة ولا تتم تلك المعرفة الا بأن يعرف أن النعم كلها جليها وخفيها من الله سبحانه وأنه المنعم الحقيقي وأن الخلق كلهم منقادون لحكمه مسخرون لأمره .
الثاني الحال التي هي ثمرة تلك المعرفة ، وهي الخضوع والتواضع والسرور بالنعم ، من حيث إنها هدية دالة على عناية المنعم بك ، وعلامة ذلك أن لا تفرح من الدنيا إلا بما يوجب القرب منه .
الثالث العمل الذي هو ثمرة تلك الحال فإن تلك الحال اذا حصلت في القلب حصل فيه نشاط للعمل الموجب للقرب منه ، وهذا العمل يتعلق بالقلب واللسان والجوارح .
أما عمل القلب فالقصد الى تعظيمه وتحميده وتمجيده ، والتفكر في صنائعه وأفعاله وآثار لطفه ، والعزم على ايصال الخير والاحسان الى كافة خلقه ، وأما عمل اللسان فإظهار ذلك المقصود بالتحميد والتمجيد والتسبيح والتهليل ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر الى غير ذلك ، وأما عمل الجوارح فاستعمال نعمه الظاهرة والباطنة في طاعته وعبادته ، والتوقي من الاربعون حديثا :320
صفحة ٣١٩