لا تتعلق بالشيء ، الا على وفق العلم. فلهذا السبب تعلقت إرادة الله باحداث العالم فى الوقت الذي علم وقوعه فيه ، ولم تتعلق باحداثه فى سائر الأوقات.
وثالثها : لم لا يجوز أن يقال : ان ذلك الوقت اختص بحكمة خفية ، لأجلها خصص الله تعالى احداث العالم بذلك الوقت ، دون سائر الأوقات؟ واذا كان هذا الاحتمال قائما ، سقطت هذه المطالبة.
ورابعها : ان احداث العلم فى الأزل محال. لأن الاحداث عبارة عن جعله موجودا بعد ان كان معدوما. وذلك يستدعى سبق العدم. والأزل عبارة عن نفى المسبوقية بالغير ، فكان الجمع بينهما محالا.
وخامسها : ان العالم قبل ذلك الوقت ، ما كان ممكنا ، بل كان ممتنعا ، ثم انقلب ممكنا فى ذلك الوقت.
وسادسها : ان القادر المختار يمكنه أن يرجح أحد المقدورين على الآخر ، من غير مرجح. كما أن الهارب من السبع اذا عن (19) له طريقان متساويان من جميع الوجوه ، فانه يختار أحدهما على الآخر من غير مرجح ، والعطشان اذا خير بين قدحين متساويين ، فانه يختار أحدهما على الآخر من غير مرجح.
قالت الفلاسفة : لو تأملتم حق التأمل فى الحجة التى ذكرتموها لما أوردتم هذه الأجوبة. وذلك لأن حاصل هذه الأجوبة يرجع الى حرف واحد. وهو : أن كل ما لا بد منه فى ايجاد العالم ما كان حاصلا فى الأزل.
صفحة ٦٨