أن يكون الواجب لذاته غير واجب لذاته. وذلك محال. واذا لزم المحال من هذا القدر ، كفانا هذا القدر فى تقرير المطلوب.
الوجه الثانى : وهو أنا لو فرضنا كل واحد من ذينك الجزءين واجبا ، فحينئذ يشتركان فى الوجوب ، ويتباينان فى الخصوصية. فيلزم كون كل واحد من ذينك الجزءين ، مركبا من أجزاء لا نهاية لها.
وأما الوجوه التى ذكرتموها فى بيان أن الافتقار قد يحصل حال البقاء. فنقول : ان دليلنا أقوى من الوجوه التى ذكرتموها. وذلك لأنا اذا أسندنا الباقى حال بقائه الى المؤثر ، فذلك المؤثر اما أن يقال : أنه لم يصدر عنه أثر ، أو يقال : صدر عنه أثر. فان لم يصدر عنه أثر ، لم يكن مؤثرا. وان صدر عنه أثر ، فذلك الأثر. اما أن يصدق عليه أنه كان حاصلا قبل ذلك ، أو يصدق عليه أنه ما كان حاصلا قبل ذلك فان صدق عليه أنه كان حاصلا قبل ذلك ، فحينئذ يلزم أن يقال : المؤثر حصل فى هذا الوقت شيئا ، كان ذلك الشيء حاصلا قبل ذلك. وهذا غير معقول. واما أن يصدق عليه أنه ما كان حاصلا قبل هذا الوقت. فهذا الأثر يكون حادثا لا باقيا. فكان المفتقر الى المؤثر هو الحادث ، لا الباقى فهذه نكتة جليلة قوية فى بيان أن اسناد الأثر الى المؤثر لا يحصل الا حال الحدوث.
وأما الجواب عن تلك الوجوه على سبيل التفصيل. فمذكور فى المطولات.
قوله : «هذا منقوض (17) بكونه تعالى عالما بالعلم ، قادرا بالقدرة» قلنا : هذا السؤال صعب. وهو مما نستخير الله تعالى فيه.
البرهان الخامس فى حدوث الأجسام : لو كان الجسم قديما ، لكان قدمه اما أن يكون عين كونه جسما ، واما أن يكون مغايرا لكونه
صفحة ٦٥