قوله : «ما الدليل على أن التعين أمر ثبوتى»؟ قلنا : الدليل عليه : أن هذا الانسان يساوى ذلك الانسان فى كونه انسانا ، ولا يساويه فى كونه هذا أو ذلك. وما به المشاركة غير ما به المباينة. فلتعين أمر زائد على الماهية. ثم ذلك الزائد لا يجوز أن يكون عدميا. ويدل عليه وجهان :
الأول : ان التعين جزء من ماهية المعين ، والمعين من حيث انه ذلك المعين موجود ، وجزء الموجود موجود. فالتعين أمر موجود.
الثانى : ان التعين لو كان عدما ، لم يكن عدم أى تعين (16) اتفق. بل كان عبارة عن كون هذا الشيء ، ليس هو ذلك الشيء. فاذا فسرنا تعين هذا بعدم تعين ذاك ، فتعين ذاك ان كان عدما ، كان تعين هذا عدما للعدم. وعدم العدم وجود. فتعين هذا أمر موجود. وان كان تعين ذاك امرا وجوديا ، كان ذلك التعين أمرا موجودا. فثبت : أن أحد التعينين أمر موجود. واذا كان كذلك ، وجب أن يكون كل تعين أمرا موجودا. لأن حقيقة التعين حقيقة واحدة لا تختلف بصورة وصورة.
وأما المعارضة الأولى : فجوابها : ان الماهية والتعين اذا اجتمعنا ، فبانضياف التعين الى الماهية ، صارت الماهية متعينة ، وبانضياف الماهية الى التعين ، صار التعين متعينا. وبهذا الطريق ينقطع التسلسل.
لا يقال : انه لم يلزم التسلسل. لكنه يلزم الدور. لأنا نقول : الدور انما يلزم لو كانت ماهية كل واحد منهما سببا لماهية الآخر ، لكننا لا نقول كذلك ، بل نقول : ماهية كل واحد منهما سبب لتعين
صفحة ٦٣