فهذه الدلائل الثمانية : دالة على أنه لا يلزم من افتقار الشيء فى وجوده الى غيره كون الأثر حادثا. وبالله التوفيق.
ثم نقول : ما ذكرتم من الدلالة منقوض بكون الله تعالى عالما بالعلم ، قادرا بالقدرة فان علم الله تعالى ان كان واجبا لذاته ، وذاته أيضا واجبة لذاتها. فقد حصل موجودان كل واحد منهما واجب لذاته. وذلك يبطل المقدمة الأولى من مقدمات دليلكم. وان كان علم الله تعالى ليس واجبا لذاته ، بل ممكنا لذاته ، واجبا بوجوب ذاته ، مع أن علمه قديم ، كان ذلك اعترافا بكون الأثر والمؤثر دائمين. وذلك يبطل المقدمة الثانية من مقدمات دليلكم. وبالله التوفيق.
والجواب : قوله : «ما الدليل على أن الوجوب أمر ثبوتى؟»
قلنا : يدل عليه وجهان.
الأول : ان الوجوب تأكيد الوجود. فلو كان الوجوب عدميا ، لكان أحد النقيضين سببا لتأكد الآخر. وانه محال.
** الثانى :
الخاص. والممتنع معدوم. والممكن الخاص يجوز أن يكون معدوما. فاذن اللاوجوب محمول على المعدوم ، فيكون معدوما. وان كان اللاوجوب معدوما ، كان الوجوب موجودا. ضرورة أن أحد النقيضين ، لا بد وأن يكون موجودا.
وأما المعارضات فانها بأسرها معارضة بوجه واحد. وهو أن الوجوب لو كان عدميا محضا فى الخارج ، لم يكن الشيء فى الخارج موصوفا بأنه واجب. فهذا يقتضي نفى واجب الوجود لذاته. وانه محال.
صفحة ٦٢