حاصلا فى ذلك الزمان. ويلزم التسلسل وهو محال. وأما بقاء الشيء على عدمه ، فيمتنع أن يكون وصفا ثبوتيا زائدا عليه. والالزام قيام الموجود بالمعدوم. فلما ثبت أن الانسان قد يريد بقاء الشيء ، وثبت أن بقاء الشيء نفس ذات الشيء ، ثبت : أن الإرادة قد تتعلق بالشيء حال بقاء الشيء.
الوجه الثانى من الكلام على ذلك الدليل : انا نعارضه بوجوه أخر من الدلائل :
الوجه الأول : ان عدم الفعل ينافى وجوده ، وعدم الفاعلية ينافى حصولها. ومنافى الشيء يمتنع أن يكون شرطا له. فالعدم السابق يمتنع أن يكون شرطا لكون الفعل فعلا ، ولكون الفاعل فاعلا. فاذن كون الفعل فعلا ، وكون الفاعل فاعلا ، ممكن التحقق بدون العدم السابق ، وذلك هو المطلوب.
الوجه الثانى : ان الأثر. حال بقائه ممكن الوجود ، فلا بد له من مؤثر. فالشيء حال بقائه مفتقر الى المؤثر. انما قلنا : ان الأثر حال بقائه ممكن الوجود ، لأن المراد من الا مكان كون تلك الماهية فى نفسها قابلة للعدم والوجود ، وكونها فى نفسها غير متأبية من الأمرين فتلك الماهية من حيث هى. هى ، ان كانت متأبية من قبول العدم ، وجب أن تكون كذلك أبدا. وان كنت هويتها من حيث هى هى ، لا تتأبى عن قبول العدم ، كانت هذه الحالة حاصلة أبدا. فكانت ممكنة أبدا. وأما أن الممكن لا بد له من مؤثر . فهو ظاهر.
واذا ظهرت المقدمتان ، ثبت ان الممكن حال بقائه مفتقر الى المؤثر. وذلك يقدح فى أن الافتقار الى المؤثر ، لا يحصل الا حال الحدوث.
الوجه الثالث : ان الحدوث عبارة عن كون وجود الشيء مسبوقا بعدمه. وهذه المسبوقية صفة من صفات الشيء ، ونعت من نعوته.
صفحة ٥٩