وثالثها : ان واجب الوجود لذاته ، يساوى فى كونه موجودا سائر الوجودات ، ويباينها بتعينه. وذلك التعين اما أن يكون سلبيا ، أو ثبوتيا. فان كان ذلك التعين سلبيا يكون هو ، من حيث انه هو عدما لا وجودا. وذلك محال. فاذن ذلك التعين الذي به باين غيره ، أمر ثبوتى. فاذن هو مركب عن الوجود الذي به يشارك غيره ، وعن التعين الذي به امتاز عن غيره. فيلزم وقوع الكثرة فى ذاته.
السؤال الرابع : هب أنه يلزم من ذلك وقوع الكثرة فى ذات كل واحد منهما. لكن لم لا يجوز أن يقال : كل واحد من جزئى ذاته واجب لذاته. وذلك المجموع يجب لوجوب جزئيه معا. وعلى هذا التقدير لا يلزم منه محذور أصلا؟ سلمنا : أن كل ما سوى الواحد ممكن لذاته ، فلم قلتم : ان كل ممكن لذاته محدث؟ قوله لأن كل ما كان ممكنا لذاته ، فانه محتاج الى المؤثر ، وكل محتاج الى المؤثر فهو محدث» قلنا :
** أما المقدمة الأولى.
فى مسألة اثبات الصانع. ان شاء الله تعالى. وأما المقدمة الثانية. وهى قوله : «ان كل ما كان محتاجا الى المؤثر فهو محدث» فهذا ممنوع ، وقوله : «حاجة الأثر الى المؤثر ، اما أن تحصل حال البقاء أو حال الحدوث ، أو حال العدم» قلنا : الكلام عليه من وجهين :
الأول : انه منقوض بالمعلول ، فانه يبقى مفتقر الى العلة ، حال بقائه. وكذلك المشروط يبقى مفتقرا الى الشرط حال بقائه. وكذلك عالمية الله تعالى معللة بعلمه ، مع كون كل واحد منهما أزليا.
ومن النقوض اللازمة : ان أريد بقاء الشيء. اما على وجودة أو على عدمه ، فبقاء الشيء على وجوده ، يمتنع أن يكون صفة زائدة على ذاته. لأنه لا معنى للبقاء الا نفس حصوله فى الزمان الثانى. وحصول الشيء فى الزمان الثانى لو كان زائدا عليه ، لكان ذلك الزائد
صفحة ٥٨