فلا بد هناك من وحدة ، لكن تلك الوحدة لها تعين ، فلا تكون الوحدة وحدة. هذا خلف.
ورابعها : ان التعين عبارة عن أنه ليس هو ذلك الآخر ، ومفهوم أنه ليس هو الآخر: مفهوم سلبى لا ثبوتى.
فثبت بهذه الدلائل : أن التعين يمتنع أن يكون أمرا ثبوتيا.
واذا ثبت هذا ، فنقول : لم لا يجوز أن يقال : الشيئان اللذان يكون كل واحد منهما واجبا لذاته ، أنهما يتشاركان فى تمام الماهية وهى الوجوب ويتباينان بالتعين ، الا أن التعين أمر عدمى. وعلى هذا التقدير لا يلزم وقوع التركيب فى الماهية؟
السؤال الثالث : سلمنا أنه يلزم من حصول الاشتراك فى الوجوب ، وحصول التباين فى التعين : وقوع الكثرة فى الماهية. لكن هذه الكثرة لازمة. سواء قلنا بأن واجب الوجود واحدا ، أو لم نقل به. وبيانه من وجوه :
أحدها : أنه لا شك أن هنا لوازم وملزومات. فان الثلاثة مستلزمة لذاتها لمعنى الفردية والاربعة مستلزمة لمعنى الزوجية ، والسواد لذاته مناف للبياض. فهذه الاستلزامات الذاتية : وجوبات ذاتية. وهى أنواع كثيرة. فاذن واجب الوجود لذاته ، أكثر من واحد.
وثانيها : هب أن واجب الوجود لذاته ، ليس الا الواحد ، لكن الواجب بغيره. فيه كثرة. ثم الواجب لذاته يشارك الواجب بغيره فى مسمى كونه واجبا ، ويمتاز عنه بخصوص كونه واجبا لذاته. وما به المشاركة مغاير لما به المباينة. فالوجوب بالذات مركب فى ماهيته. وحينئذ تعود المحالات المذكورة.
صفحة ٥٧