كذلك ، لا يلزم من حصول المباينة فى التعين ، وقوع التركيب فى الماهية.
** والذي يدل على أن التعين ليس أمرا ثبوتيا وجوه :
أحدها : ان تعين كل شيء متعين ، غير تعين المتعين الآخر ، والا لكان تعين كل شيء ، عين تعين غيره. وعلى هذا التقدير. يلزم أن تكون الأشياء كلها متعينة بتعين واحد. وهو محال. واذا ثبت هذا فنقول : أفراد التعينات متساوية فى ماهية كونها تعينا ، وكل واحد من تلك الأفراد يباين الآخر بتعينه ، فيلزم أن يكون تعين المتعين زائدا عليه ، ثم الكلام فى الثانى كما فى الأول ، فيلزم التسلسل وهو محال.
وثانيها : وهو أن التعين لو كان زائدا على الذات ، لكان اختصاص ذلك الزائد المسمى بالتعين بهذه الذات ، دون تلك الذات ، يتوقف على امتياز هذه الذات عن تلك الذات. ولكن امتياز هذه الذات عن تلك الذات ، يتوقف على تعين هذه الذات ، وتلك الذات ، فلو كان تعين هذه الذات ، وتعين. تلك الذات ، معللا بذلك الزائد : وقع الدور. وانه محال.
وثالثها : لو كان التعين وصفا زائدا على الذات ، لكان المتعين لم يكن فى نفسه شيئا واحدا ، بل كان شيئين : أحدهما : تلك الذات. والثانى : الصفة المسماة بالتعين ، القائمة بالذات. واذا كانا شيئين ، ولكل واحد منهما تعين ، فلا يكون ذلك الشيء اثنين ، بل أربعة ، ثم لكل واحد من تلك الأربعة تعين آخر ، فلا يكون ذلك أربعة ، بل ثمانية. وهلم جرا. فيلزم من ذلك أن الشيء الذي حكمنا عليه بأنه واحد ، ليس بواحد ، بل أعداد غير متناهية. وذلك محال. لأن الواحد لا يكون عددا. وأيضا : فان الكثرة عبارة عن مجموع الوحدات.
صفحة ٥٦