وذلك لأن تلك الماهية محكوم عليها بأنها واجبة ، والموضوع يمتنع أن يكون عين المحمول. ولأن ماهية واجب الوجود غير معلومة. والمعلوم ليس هو نفس ما هو غير معلوم.
وانما قلنا : انه يمتنع كون الوجوب جزءا من تلك الحقيقة ، لأن على هذا التقدير تكون تلك الحقيقة مركبة. وقد بينتم : أن كل مركب ممكن. فاذن يلزم أن يكون الواجب لذاته ، ممكنا لذاته وانما قلنا : انه يمتنع كون الوجوب صفة خارجة عن الحقيقة ، لأن كل ما كان صفة خارجة عن الحقيقة مفتقرا إليها ، كان تحققه متوقفا على تحقق تلك الحقيقة. وكل ما كان كذلك ، كان ممكنا لذاته. فذلك الوجوب بالذات ممكن لذاته. واذا كان الوجوب ممكنا بالذات ، كان الواجب بالذات أولى بأن يكون ممكنا بالذات. فثبت : أن الأقسام الثلاثة باطلة ، فكان القول بكون الوجوب أمرا ثبوتيا باطلا.
ثالثها : ان الوجوب محمول على العدم ، والمحمول على العدم ، يمتنع أن يكون ثابتا. فالوجوب يمتنع أن يكون ثابتا. وانما قلنا : ان الوجوب محمول على العدم : لأن كل ما يصدق عليه أنه يمتنع أن يوجد ، يصدق عليه أنه يجب أن لا يوجد. فالوجوب محمول على لا وجود. فثبت : أن مفهوم الوجوب ، محمول على العدم. وانما قلنا : ان المحمول على العدم ، يمتنع أن يكون ثابتا. لأنه ثبت فى بداهة العقول : أن قيام الصفة الموجودة بالنفى. المحض محال. فثبت بهذه البراهين الثلاثة : ان الوجوب صفة عدمية. وثبت أن الاشتراك فى الصفة العدمية ، لا يوجب وقوع الكثرة فى الماهية. فثبت : أنه لا يلزم من اشتراك الشيئين فى الوجوب ، وقوع التركيب فى ماهيتهما.
السؤال الثانى : سلمنا أن الوجوب صفة ثبوتية ، لكن لا نسلم أن التعين أمر ثبوتى. بل نقول : التعين ليس بأمر ثبوتى. واذا كان
صفحة ٥٥