بيان المقدمة الأولى : أن الممكن ما تكون ماهيته قابلة للعدم والوجود ، على البدل. وما كان كذلك ، امتنع رجحان أحد الطرفين على الآخر ، الا لمؤثر منفصل.
بيان المقدمة الثانية : أن نقول : الافتقار الى المؤثر ، اما أن يحصل حال الوجود ، أو حال العدم. فان حصل حال الوجود ، فاما أن يحصل حال البقاء ، أو محال الحدوث. لا جائز أن يحصل حال البقاء. والالزام أن يكون الشيء حال بقائه مفتقرا الى موجد يوجده. والى مكون يكونه ، وذلك محال. لأن ايجاد الموجود ، وتحصيل الحاصل محال فى بداهة العقول. فلم يبق الا أن يكون افتقار الأثر الى المؤثر. اما حاصلا حال الحدوث ، أو حال العدم. وعلى التقديرين فانه يلزم أن يكون كل مفتقر فى وجوده الى المؤثر ، فانه يكون محدثا. فثبت : أن كل ما سوى الواحد ممكن لذاته. وثبت : أن كل ما كان ممكنا لذاته ، فهو مفتقر فى وجوده الى المؤثر. وثبت أن كل ما كان مفتقرا فى وجوده الى المؤثر : فاذن يلزم من هذا البرهان : أن كل ما سوى الواحد ، لا بد وأن يكون محدثا. وهذا البرهان يفيد حدوث الاجسام والأعراض والعقول والنفوس والهيولى. ويفيد أن واجب الوجود واحد. وهو الله جل جلاله وبالجملة : فهو برهان عظيم واف باثبات أكثر المباحث الشريفة الالهية.
فان قيل : لا نسلم أن ما سوى الواحد ممكن لذاته. قوله : «لو فرضنا موجودين يكون كل واحد منهما واجبا لذاته ، لكانا متشاركين فى الواجب الذاتى ، ومتباينين فى التعين ، فحينئذ يكون كل واحد منهما مركبا ، وكل مركب ممكن ، فحينئذ يكون الواجب لذاته ، ممكنا لذاته»
** قلنا :
وبيانه من وجوه :
صفحة ٥٣