والوجه الثانى فى بيان أن الأجسام يجب أن تكون متناهية : لو كانت الأجسام غير متناهية. أمكننا أن نفرض فيها خطا غير متناه. وليكن ذلك الخط : خط (أب) ويمكننا أن نفرض فى وسط هذا الخط نقطتين : إحداهما نقطة (ج) والأخرى نقطة (د) فنقول : خط (ج ا من جانب (ج) متناه ، ومن جانب (ا) غير متناه. وخط (دا ) أيضا كذلك. لكن خط (ج ا) أقل من خط (دا) بمقدار خط (ج د) وليكن ذلك المقدار شبرا واحدا.
واذا تلخص هذا ، فنقول : عدد الأشبار الموجودة فى الخط الناقص ، ان كانت مساوية لعدد الأشبار الموجودة فى الخط الزائد ، كان الشيء مع غيره ، كهو لا مع غيره. وهذا محال. وان كانت أنقص منه ، فذلك التفاوت اما أن يظهر من الجانب المتناهى ، أو من الجانب الغير المتناهى والأول محال. لأنا فرضنا التطبيق بحسب مراتب الأعداد فى هذا الجانب المتناهى ، فوجب أن يظهر التفاوت من الجانب الآخر.
ومعنى فرض التطبيق بحسب مراتب الأعداد : أن الشبر الأول من هذه الجملة مقابل بالشبر الأول من تلك الجملة الثانية. والشبر الثانى من هذه الجملة مقابل بالشبر الثانى من تلك الجملة ولتكن هذه الدقيقة معلومة ، حتى يتم البرهان فاذا حصل التطابق من هذا الجانب ، وجب أن لا يظهر التفاضل الا من الجانب الآخر ، وحينئذ تنقطع الجملة الناقصة من ذلك الجانب. والزائد زاد عليه بشبر واحد ، فتكون الجملة الزائدة أيضا متناهية. وهو المقصود.
فثبت بهذين البرهانين : أن كل جسم فهو متناه فى المقدار.
وأما المقدمة الثانية. وهى فى بيان أن كل ما كان متناهيا فى المقدار ، فهو محدث. والدليل عليه : أن كل ما كان متناهيا فى
صفحة ٥٠