لا يقال : أنه لا معنى لكونه محلا لذلك العرض ، وكون ذلك العرض حالا ، الا مجرد حصول ذلك العرض فيه.
لأنا نقول : ليس كون الجسم محلا لذلك العرض ، وكون ذلك العرض حالا فى ذلك الجسم ، هو نفس ذلك العرض ولذاته. لأنه يمكن العلم بذات ذلك العرض ، وذات ذلك الجسم ، مع الشك فى كون ذلك العرض حالا فى ذلك الجسم ، وكون ذلك الجسم محلا لذلك العرض. والمعلوم مغاير لما ليس بمعلوم. فعلمنا : أن المحلية والحالية صفتان مغايرتان لذات ذلك العرض ، ولذات ذلك الجسم.
سلمنا : أن صدق قولنا : لم يكن ثم كان : يقتضي كون احدى الحالتين أمرا ثبوتيا (14). فلم لا يجوز أن تكون الحركة أمرا ثبوتيا ، وأن يكون السكون عبارة عن عدم الحركة عما من شأنه أن يتحرك؟
قوله : «الحركة والسكون كل واحد منهما عبارة عن الحصول فى الحيز. ولا تفاوت بينهما الا فى وصف عرضى».
قلنا : لا نسلم أن الحركة عبارة عن الحصول فى الحيز الثانى. والدليل عليه : أنه متى حصل فى الحيز الثانى ، فقد انقطعت الحركة وانتهت. ونهاية الشيء لا تكون نفس ذلك الشيء ، بل الحركة عبارة عن كونه منتقلا عن الحيز الأول الى الحيز الثانى. وذلك الانتقال أمر متقدم على الحصول فى الحيز الثانى.
سلمنا : أن السكون أمر ثبوتى. فلم قلتم : ان الثابت الأزلى لا يزول؟ قوله : «لأن ذلك الأزلى اما أن يكون واجبا لذاته ، واما أن يكون معلولا لما يكون واجبا لذاته. وعلى التقديرين ، فانه يلزم امتناع العدم عليه.
صفحة ٤٥