ذراعين. وذلك محال. فثبت بهذه الوجوه : فساد القول بأن المكان هو البعد.
سلمنا : أن القول بالحيز : معقول. فلم قلتم : ان الجسم لا بد وأن يكون اما ساكنا فى الحيز ، واما متحركا؟
بيانه : ان المتحرك هو الذي حصل فى الحيز ، بعد أن كان فى حيز آخر ، والساكن هو الذي حصل فى الحيز ، بعد أن كان فى نفس ذلك الحيز. فاذن كونه ساكنا متحركا ، مشروط بكونه موجودا قبل ذلك. فاذن الجسم فى أول زمان حدوثه ، يجب أن لا يكون ساكنا ولا متحركا ، واذا ثبت هذا ، بطل قولكم : انه لا واسطة بين كون الجسم ساكنا أو متحركا.
سلمنا : أن الجسم لو كان أزليا ، لكان اما أن يكون ساكنا واما أن يكون متحركا. فلم قلتم : انه يمتنع كون الجسم فى الأزل متحركا؟ والدلائل الستة التى عولتم عليها فى بيان امتناع كون الجسم متحركا فى الأزل : هى بأسرها معارضة بوجه واحد. وهو أن وجود الحركة وتأثير المؤثر فى ايجاد الحركة فى الأزل ، اما أن يكون ممتنعا لعينه ولذاته ، واما أن لا يكون ممتنعا لعينه ولذاته. فان كان ممتنعا لذاته ، وجب أن لا يزول ذلك الامتناع قط. لأن ما بالذات لا يزول فوجب أن لا توجد الحركة أصلا. وأما ان كان وجود الحركة الأزلية وايجاد الحركة فى الأزل ليس ممتنعا لذاته. فاما أن يكون ممتنعا لغيره ، أو لا يكون كذلك.
فان كان ممتنعا لغيره ، فذلك المانع ان كان واجبا لذاته ، امتنع زواله. وكان يجب امتناع زوال ذلك الامتناع وان كان واجبا أيضا لغيره ، كان الكلام فيه كما فى الأول. فيلزم التسلسل. وأما ان كان وجود
صفحة ٤٢