فيكون بعضهم قد احتوى من هذه على جودة الخط مثلا وعلى شيء من الخطابة؛ وآخر احتوى على اللغة وعلى شيء من الخطابة وعلى جودة الخط؛ وآخر على الأربعة كلها .
والتفاضل في الكيفية هو أن يكون اثنان احتويا من أجزاء الكتابة على أشياء بأعيانها ، ويكون أحدهما أقوى فيما احتوى عليه وأكثر دراية. فهذا هو التفاضل في الكيفية .
والسعادات تتفاضل بهذه الأنحاء أيضا.
وأما أهل سائر المدن ، فان أفعالهم ، لما كانت رديئة ، أكسبتهم هيئات نفسانية رديئة ، كما أن أفعال الكتابة متى كانت رديئة على غير ما شأن الكتابة أن تكون عليها ، تكسب الانسان كتابة أسوأ رديئة ناقصة. وكلما ازدادت من تلك الأفعال ازدادت صناعته نقصا. وكذلك الأفعال الرديئة من أفعال سائر المدن تكسب أنفسهم هيئات رديئة ناقصة ، وكلما واظب واحد منهم على تلك الأفعال ازدادت هيئته النفسانية نقصا ، فتصير أنفسهم مرضى. فلذلك ربما التذوا بالهيئات التي يستفيدونها بتلك الأفعال ، كما أن مرضى الأبدان ، مثل كثير من المحمومين ، لفساد مزاجهم ، يستلذون الأشياء التي ليس شأنها أن يلتذ بها من الطعوم ، ويتأذون بالأشياء التي شأنها أن تكون لذيذة ، ولا يحسون بطعوم الأشياء الحلوة التي من شأنها أن تكون لذيذة. كذلك مرضى الأنفس ، بفساد تخيلهم الذي اكتسبوه بالارادة والعادة ،
صفحة ١٣٦