قلت: هبها كبيرة فأنت في بيتك أكبر منها، والتوتة والزيتونة والعريشة والتينة أكرم من صندوق الحكومة، الناس يدارونك اليوم وأنت لا تداري أحدا، وغدا متى توظفت تضطر أن تداري من يداريك وتستعطف من يلتمس رضاك لتثبت مركزك، وإذا جرت الرياح بالعكس فهناك المصيبة يا مخول ... يا مخول بيك، الصواب ألا تقبل وظيفة.
فامتعض وبان الكدر والغم في وجهه وقال لي: السر بيننا، الحق معك، ولكن ينكيني ناس كانوا خداما عند المرحوم جدي واليوم صاروا يأمرون وينهون، تستقبلهم الناس كأنهم شيء عظيم. بحياتك قل لي، كيف أبقى في ضيعتي بين فلاحين يصبحوني ويمسوني، وإذا حولت ظهري قالوا في قفاي: تأملوا ابن فلان أين صار، وهذا غارز كالوتد. هذاك صار شيئا من لا شيء، وهذا يدلل كل يوم على قطعة أرض، ويكون سعيدا إذا لقي من يشتري. - ولكن أنت واثق من هذه الوعود؟ - مؤكد - وشد على الكاف شدا عنيفا - بهذين اليومين ينتهي كل شيء.
قلت: وفقك الله، هذا ما نتمناه.
وتهيأت للنهوض فقال: اقعد، ما انتهينا بعد. إذا احتجت إلى شيء في المستقبل فأنا مستعد، تعال صوبي، ما غايتي من الوظيفة أن أعمر بيتي، غايتي خدمة إخوان وأصحاب مثل فضلك ... ونكاية بجيراني، ظنوا أني عاجز عن وظيفة؛ ولذلك حلفت للأولاد يمينا أنني لا أرجع إلى البيت إلا والمرسوم في عبي.
قلت: ولكن أراك في هذه الساحة منذ سنة وأكثر.
قال: ما سمعت؟! قلت لك: حلفت ألا أعود إلا ظافرا.
وهممت بالنهوض فصرخ: اقعد، دائما مستعجل.
فقلت: علي قضاء أشغال كثيرة والشمس كادت تغيب، أستأذن. - إذنك معك.
وما خطوت بضع خطوات حتى ناداني وهرول
7
صفحة غير معروفة