و"التبيين" و"التبليغ" وظيفتان موضوعهما واحد هو "القرآن الكريم" عبر عنه فى آية "التبليغ"
بهذا اللفظ: ﴿ما أنزل إليك﴾ وعبر عنه فى آية التبيين بلفظ مختلف: ﴿ما نزل إليهم﴾
وبينهما فروق لها دلالتها. مردها إلى الفرق بين الوظيفتين.
"فالتبليغ": تأدية النص، تأدية "ما أنزل" كما "أنزل" دون تغيير ما على الإطلاق، لا زيادة ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير.
و"التبيين": إيضاح، وتفسير، وكشف لمراد الله من خطابه لعباده، كى يتسنى لهم إدراكه، وتطبيقه، والعمل به على وجه صحيح.
"والتبليغ": مسئولية "المبلغ" وهو المؤتمن عليها، وهذا سر التعبير: ﴿وأنزلنا إليك﴾ حيث عدى الفعل "أنزل" بـ "إلى" إلى ضمير النبى ﷺ المخاطب.
و"التبيين": مهمة، فرضتها حاجة الناس لفهم ما خوطبوا به وبلغوه، وإدراك دلالته الصحيحة، ليطبقوه تطبيقًا صحيحًا.
ومن هنا كانت المخالفة فى العبارة ... "نزل إليهم" حيث عدى الفعل "نزل" بـ "إلى" مضافًا إلى الضمير "هم" أى الناس، وعدى الفعل: "لتبين" إلى الناس بـ "اللام" أن كانت حاجتهم إلى "التبيين" هى السبب والحكمة من ورائه، وهى توحى بقوة أن رسول الله ﷺ، ليس بحاجة إلى ما احتاج إليه الناس من هذا التبيين.
ولعمرى إنه لكذلك، فقد أوحى إليه بيانه وألهمه، فالتقى فى نفسه "البيان" و"المبين" معًا وأصبح مؤهلًا لأن يقوم بالوظيفتين: وظيفة البلاغ، ووظيفة التبيين على سواء! .
وكما أن محالًا أن يكتم رسول الله ﷺ، شيئًا مما أمر بتبليغه، فمحال أن يترك شيئًا مما أمر بتبليغه دون أن يبينه، فكلا الأمرين: التبليغ والتبيين من صميم رسالته: ﴿بلغ ما أنزل إليك﴾ ... ﴿لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ .
1 / 11