وانبرى أحدهم فهز كتفيه في عنف قائلا: هل أنت أصم؟! ألا تسمع؟! - سامع. - أتعرف ماذا جرى لفلان، ولفلان؟ - أعرف، لا وجه للمقارنة. - لقد كانا مغفلين، خدعتهما. - ضحكت عليهما ... أنا شيء آخر، لقد أعددت خلف رأسي سلة ألقي فيها أحاديث هواها، كل المسألة في نظري أنها دمية جميلة ألهو بها، لن تأخذ مني أكثر مما تأخذ الريح من سطح مرآة؛ ذرات الغبار التي خلفتها ريح سبقتها. - إنك لفيلسوف جبار! - بل منتقم جبار، سينتقم للسابقين واللاحقين!
وضاق بسخريتهم، فغادرهم وهو يرثي لحماقتهم، وتعمد أن يذهب متأخرا عن موعدها.
وجلسا يتناولان العشاء ويتحادثان، وقال وهو يرقبها في حذر: ثوب جميل هذا الثوب! - من باريس، إنه هدية زوجي، أتعرف أني كنت متزوجة؟!
وأجاب في خبث: أعرف طبعا، من فلان؛ صديق زوجك الأول.
وقالت ضاحكة: زوجي الأول؟ إني لم أتزوج غير مرة واحدة. الأول كان صديقا ... مجرد صداقة فقط. لقد تزوجت مكرهة؛ كان لا بد لي من رجل أحمل اسمه؛ إن اسم أبي ليس مشرفا. أتعرف أبي؟ - طبعا لا ... هل كان من ذوي الأملاك؟ - كنت أستطيع أن أقول لك ذلك ... أو أقول لك إنه كان مستشارا أو ضابطا كبيرا. إني أقول ذلك أحيانا ... لكن لا أدري لماذا أحب أن أكون صريحة معك؟!
وأخفى خلف شفتيه ابتسامة، وقال بتأثر: أنا أيضا أشعر نفس الشعور، أحب أن أكون صريحا معك! - كم أتحرق إلى رجل يخلع ثوب الرياء عن كتفي وكتفيه، إني أضيق بالعواطف المدهونة التي ألقاها في كل الوجوه ...
وقال وهو يضحك: لن تجدي شيئا من هذا لدي، سترين عواطفي بغير دهان، قد لا تكون جميلة، ولكنها حقيقة، ثم لا تنسي شيئا، إن الدهان مرتفع الثمن، وأنا - واغفري لي صراحتي - لست غنيا.
وقالت، وهي تومئ إلى مائدة بعيدة: أترى هذا السيد هناك؟
لقد كنت أستطيع أن أكون معه، فيمتلئ ساعداي بالجواهر، وتفرش الأرض تحت قدمي بالبنكنوت، إنه يبذل جهد الجبابرة ليتعرف إلي ... مع ذلك ها أنت تراني معك، أنت الذي فضلتك لصراحتك، لقد شبعت دهانا ... ولدي ما يكفيني.
وتجاهل تحيتها الأخيرة، وقال في سخرية: مغفلون هؤلاء الذين يضيعون ما تعبوا في تحصيله تحت قدمي امرأة! - أنا أيضا أراهم كذلك ... إنهم يخطئون السبيل إلى قلب المرأة. إن المرأة لا ترفع إلى قلبها ما تجده تحت قدميها.
صفحة غير معروفة