عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن
الناشر
دار اللواء للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
كل هذه المواضع الصفة. فقوله: «إن الله خلق آدم على صورته» أي على جملة صفاته وأحواله. وذلك لأن الإنسان حين يحدث يكون في غاية الجهل والعجز ثم لا يزال يزداد علمه وقدرته إلى أن يصل إلى حد الكمال. فبين النبي ﷺ أن آدم خلق من أول الأمر كاملًا تامًا في علمه وقدرته. وقوله: «خلق الله آدم على صورته» معناه أنه خلقه في أول الأمر على صفته التي كانت حاصلة له في آخر الأمر. وأيضًا فلا يبعد أن يدخل في لفظ الصورة كونه سعيدًا أو شقيًا كما قال ﷺ: «السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه» فقوله ﷺ: «إن الله خلق آدم على صورته» أي على جميع صفاته من كونه سعيدًا أو عارفًا أو تائبًا أو مقبولًا من عند الله.
الطريق الثالث: أن يكون ذلك الضمير عائدًا إلى الله تعالى وفيه وجوه. الأول المراد منه الصفة لما بيناه فيكون المعنى أن آدم ﵇ امتاز عن سائر الأشخاص والأجسام بكونه عالمًا بالمعقولات قادرًا على استنباط الحرف والصناعات، وهذه صفات شريفة مناسبة لصفات الله من بعض الوجوه فصح قوله ﷺ: «إن الله خلق آدم على صورته» بناء على هذا التأويل.
فإن قيل المشاركة في صفات كمال تقتضي المشاركة في الإلهية، قلنا: المشاركة في بعض اللوازم البعيدة مع حصول المخالفة في الأمور الكثيرة لا تقتضي المساواة في الإلهية ولهذا المعنى قال الله تعالى: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [الروم: ٢٧]، وقال ﷺ «تخلقوا بأخلاق الله» (١).
الثاني: أنه كما يصح إضافة الصفة إلى الموصوف فقد يصح
_________
(١) هذا حديث موضوع وسيأتي التنبيه على ذلك في كلام شيخ الإسلام ﵀، تراجع صفحة ٨٩.
1 / 52