عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن
الناشر
دار اللواء للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
الحق. فإن خطأ النظار فيما كذبوا به ونفوه أكبر من خطئهم فيما صدقوا به وعلموه.
أما التأويل الأول وهو قولهم على صورة الملك فهو وإن كان فيه نوع شبهة من هذا الوجه فالكلام عليه من وجوه، أحدها أن قوله: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته، لو أريد أنه جعله ملكًا مطاعًا مدبرًا كما أن الله ملك مطاع مدبر لم يناسب هذا الأمر باجتناب الوجه إذ لا اختصاص له. ولأن صفة الملك لا تنافي استحقاق العقوبة.
الوجه الثاني قوله: «لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجهًا أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته» ذكر خلق آدم على صورته لقوله: وجهًا أشبه وجهك، وليس في كونه ملكًا ما يقتضي ذلك كما لو قال فإن الله جعل آدم ملكًا من الملوك.
الوجه الثالث: أنه لو أريد ذلك لم يكن فرق بين الوجه وسائر الأعضاء في النهي عن الضرب والنهي عن التقبيح إذ كون آدم مخلوقًا على صفة الملك التي يتميز بها لا يخص عضوًا دون عضو.
الوجه الرابع: أن كونه ملكًا لا يوجب رفع العقوبة عنه إذا أذنب إذ لو جاز ذلك لكان ملوك بني آدم ترفع عنهم عقوبة السيئات.
الوجه الخامس: أن كونه مخلوقا على صورة الملك ليس هذا عامًا في جميع بني آدم إذ منهم من يصلح للملك ومنهم من لا يصلح أن يكون إلا مملوكًا، بل منهم من هو أضل من البهائم كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩]، وإذا كان كذلك مع أن النهي عن ضرب الوجه
1 / 112