أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات
محقق
شعيب الأرناؤوط
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦
مكان النشر
بيروت
تصانيف
العقائد والملل
وَأعْرض عَن تَحْرِيف الْكَلم مثل أَن يَقُول الْقَائِل مَا فِي الْكتاب وَالسّنة من أَن الله فَوق الْعَرْش يُخَالِفهُ قَوْله ﴿وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم﴾ الْحَدِيد ٤ وَقَوله ﵇ إِذا قَامَ أحدكُم إِلَى الصَّلَاة فَإِن الله قبل وَجهه وَنَحْو ذَلِك وَلَا مُخَالفَة وَذَلِكَ أَن الله مَعنا حَقِيقَة وَهُوَ فَوق الْعَرْش وَهُوَ ظَاهر قَوْله تَعَالَى ﴿ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش يعلم مَا يلج فِي الأَرْض﴾ إِلَى أَن قَالَ ﴿وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم﴾ وَقَوله ﵇ وَالْعرش فَوق ذَلِك وَالله فَوق الْعَرْش وَهُوَ يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَن كلمة مَعَ فِي اللُّغَة الَّتِي خوطبنا بهَا إِذا أطلقت فَلَيْسَ ظَاهرهَا فِي اللُّغَة إِلَّا الْمُقَارنَة الْمُطلقَة من غير وجوب مماسة فَإِذا قيدت بِمَعْنى من الْمعَانِي دلّت على الْمُقَارنَة فِي ذَلِك الْمَعْنى فَإِنَّهُ يُقَال مَا زلنا نسير وَالْقَمَر والنجم مَعنا وَإِن كَانَ فَوق رَأسك فَالله مَعَ خلقه حَقِيقَة وَهُوَ فَوق عَرْشه ثمَّ هَذِه الْمَعِيَّة تخْتَلف أَحْكَامهَا بِحَسب الْمَوَارِد فَلَمَّا قَالَ ﴿يعلم مَا يلج فِي الأَرْض﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم﴾ دلّ ظَاهر الْخطاب على أَن حكم هَذِه الْمَعِيَّة ومقتضاها أَنه مطلع عَلَيْكُم عَالم بكم وَهَذَا معنى قَول السّلف إِنَّه مَعكُمْ بِعِلْمِهِ وَلما قَالَ ﵇ فِي الْغَار لصَاحبه ﴿لَا تحزن إِن الله مَعنا﴾ التَّوْبَة ٤٠ كَانَ هَذَا أَيْضا حَقًا على ظَاهره ودلت الْحَال على النَّصْر والتأييد مَعَ الْمَعِيَّة الْعلم وَمثله قَوْله لمُوسَى وَهَارُون ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أسمع وَأرى﴾ طه ٤٦
1 / 100