أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

مرعي الكرمي ت. 1033 هجري
32

أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

محقق

شعيب الأرناؤوط

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

وَحِينَئِذٍ فَيُقَال موجه الإقتصار على هَذِه الصِّفَات الثمان مَعَ أَنه تَعَالَى عَزِيز فَمن أَوْصَافه الْعِزَّة وعظيم فِيمَن أَوْصَافه العظمة وحليم فَمن أَوْصَافه الْحلم فَهَل يَصح أَن يُقَال مثلا حَلِيم بحلم كَمَا يُقَال عليم بِعلم وَهَكَذَا فِي الْبَقِيَّة وَلَعَلَّ الْجَواب على طَريقَة الْخلف أَن هَذِه الْأَوْصَاف كلهَا كيفيات وإنفعالات تحدث فِي النَّفس وَالله منزه عَنْهَا فتؤخذ كلهَا بإعتبار الغايات بِخِلَاف الْعلم وَالْقُدْرَة والسمع وَالْبَصَر وَنَحْوهمَا فَإِنَّهَا من الْأَوْصَاف الذاتية لَا من الكيفيات النفسانية وللسلف أَن يَقُولُوا إِن هَذِه الْأَوْصَاف على ظَاهرهَا وَهَذَا التَّعْلِيل لَا يسْتَلْزم أَن يكون كَذَلِك فِي حَقه تَعَالَى كَمَا أَن الْعلم وَالْقُدْرَة والسمع وَالْبَصَر تَسْتَلْزِم من النَّقْص فِي حَقنا مَا يجب تَنْزِيه الله تَعَالَى عَنهُ من جِهَة أَنَّهَا أَعْرَاض وَنَحْوه فمذهب السّلف أسلم لَا سِيمَا وَقد نقل البُخَارِيّ وَغَيره عَن الفضيل بن عِيَاض قدس الله روحه أَنه قَالَ لَيْسَ لنا أَن نتوهم فِي الله كَيفَ هُوَ لِأَن الله ﷿ وصف نَفسه فأبلغ فَقَالَ ﴿قل هُوَ الله أحد﴾ السُّورَة فَلَا صفة أبلغ مِمَّا وصف بِهِ نَفسه فَهَذَا النُّزُول والضحك وَهَذِه المباهاة وَهَذَا الإطلاع كَمَا شَاءَ الله أَن ينزل وكما شَاءَ أَن يباهي وكما شَاءَ أَن يضْحك وكما شَاءَ أَن يطلع فَلَيْسَ لنا أَن نتوهم كَيفَ وَكَيف فَإِذا قَالَ الجهمي أَنا أكفر بِرَبّ يَزُول عَن مَكَانَهُ فَقل أَنا أُؤْمِن بِرَبّ يفعل مَا يَشَاء أنْتَهى وَقَالَ بعض من انتصر لمَذْهَب السّلف ردا على الْخلف

1 / 76