منهج الدعوة في ضوء الواقع المعاصر
الناشر
جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
تصانيف
ومما هو معلوم؛ أن الإيمان يزيد وينقص، فكلما نقص الإيمان، استثقل صاحبه الأعمال، وأعرض عنها، وشق عليه ترك المحرمات، وكلما ازداد الإيمان، ازداد المدعو تسليمًا للعقيدة، واستجابة للأحكام، وإقبالًا على الأعمال، واستسهل ذلك، بل استمتع به وتلذذ .. دون عناء كبير من الداعية في الدعوة لكل أمر، فإن الداعية إذا بنى دعوته على الإيمان، لم يجد تعنُّتًا من المدعوين في الاستجابة والتسليم ... كما يجده لو بدأ بالأعمال والأحكام قبل الإيمان.
ولذلك قال ﷺ: «.... وجُعلت قرّة عيني في الصلاة» (١).
لأنها بنيت على إيمان واحتساب، وتسليم ورغبة.
وكان ﷺ يقول لبلال -إذا حان وقت الصلاة-: «أرحنا بها يا بلال» (٢)، فانظر الفارق بين «أرحنا بها»، وبين: «أرحنا منها» وهي لسان حال كثير من الكسالى في كل زمان.
فكل هذا ثمرة الإيمان قبل الأحكام.
وأما عندما تؤدى العبادة بلا إيمان، أو بإيمان ضعيف، فيستثقلها صاحبها، ويؤديها على كره، وبغير خشوع.
قال تعالى عن المنافقين: ﴿إِنّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوَا إِلَى الصّلاةِ قَامُوا كُسالىَ يُرَآءُونَ النّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاّ
(١) رواه أحمد (٣/ ٢٨٥)، والنسائي (٧/ ٦١)، والحاكم (٢/ ١٦٠)، وصححه، ووافقه الذهبي.
(٢) رواه أبو داوود (٤٩٨٥، ٤٩٨٦)، والطبراني في الكبير (٦/ ٢٧٧)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجمه (٢/ ٥٨١)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (١٠/ ٤٤٢)، وانظر صحيح أبي داود (٤١٧١، ٤١٧٢)
1 / 180