منهج الدعوة في ضوء الواقع المعاصر
الناشر
جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
تصانيف
ويقبلونها، ولا ينفرون منها، أو يواجهونها؛ فقال تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الاُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣]
وقال تعالى مخاطبًا المسلمين عامة، والدعاة خاصة: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتّىَ يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾. [البقرة: ١٠٩]
لذلك كان لزامًا على الداعية إلى الله أن يتحلى بالعفو، وأن يتصف بالتسامح.
وسرُّ ذلك: أن بعض المدعوين يكونون جهلاء، وأصحاب أهواء، ويرون أن دعوتهم هو تدخل في شؤونهم الخاصة، وحجز لحريتهم المطلقة.
فيقومون بردود فعل قولية، وأحيانا عملية .. تجاه الداعية من شتم، أو ضرب، أو سخرية، أوحقد.
والعفو والتسامح في مقام الدعوة يعني: مسح ما يعلق بالقلب من أثر الأذية، وغسل ما في النفس من حب الانتقام، والإقبال على المدعوين بوجه طلق، ونفس رضية، كأن شيئًا لم يكن منهم، فلا يكون في نفس المدعو حقد على من آذاه، ولا رغبة بالانتقام ممن أضر به، بل كلما أوذي عفا، وكلما تضرر سامح.
قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللهُ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ﴾. [آل عمران: ١٣٤]
وقال ﷺ: «.. وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا» الحديث (١).
وسئل رسول الله ﷺ عن أفضل الإيمان، قال: «الصبر والسماحة» (٢).
(١) رواه مسلم (٢٥٨٨).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ١٦٧)، وفي الإيمان (٤٣)، وقال الألباني: حديث صحيح رجاله ثقات لولا عنعنة الحسن وهو البصري لكن له شاهدًا من حديث عمرو بن عبسة في (المسند ٤/ ٣٨٥)، وآخر من حديث عبادة بن الصامت (٥/ ٣١٨).
1 / 118