الأنظار السديدة في الفوائد المفيدة
تصانيف
وأما قولهم: لو انتهت إلى داع ضروري من جهة الله لكانت علما، فيقال: قد جعلتم الداعي من جهة الله أحد الأسباب كما مر قريبا على أنه لا يلزم إلا لو كان الاعتقاد من جهة الله، لكنا نقول: الاعتقاد من النائم والداعي يجوز أن يكون من جهة الله، وأن يكون عن غيره، فلا محذور على أنه قد اعترضهم الإمام المهدي، فقال في إطلاق أصحابنا: أنه لا يكون من الله لكونه جهلا، نظرا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((لم يبق من الوحي إلا الرؤيا )) وقوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك } [الإسراء: 60] وهي صريحة في أن الرؤيا قد تكون من الله.
قال عليه السلام: فالأولى أن يقال: الرؤيا تصور يصرف النائم ذهنه إليه، إما ابتداء أو يدعو إليه خاطر تنيبه من الله تعالى، أو من ملك بأمره أو من شيطان فيفعله الله بمجرى العادة، وذلك التصور علم ضروري فلا يقبح بحال، وأما إيجاد الظن فإن جعلناه من جنس الاعتقاد، فالكلام فيه كما مر، وإن جعلناه قسما برأسه منعناه من النائم؛ لأنه لا يكون إلا عن العادة وهي ممتنعة في حق النائم.
[الفائدة السابعة والعشرون: في دفع التعارض بين حديث
من سن سنة سيئة))
وبين قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى }]
نحو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((من سن سنة سيئة كان عليه إثمها وإثم من عمل بها)) لا يعارض بقوله {ولا تزر وازرة وزر أخرى }[الإسراء: 15] من حيث أن وزر الآثم لا يتحمله غيره؛ لأنا نقول الفاعل المسبب والمتلبس بالسيئات يتحمل من جهتين: جهة فعله، وجهة تسببه.
صفحة ١٠