وفي العهود المحمدية في عهد الاستعداد لوقوف عرفة ما نصه:
إن لله تعالى رجالا يسمعون كلام من بينهم وبينه مسيرة ثلاثين ألف سنة، وراثة إبراهيمية قال: وقد وقع لي في ابتداء أمري أني كنت أسمع كلام من في أقطار الأرض من الهند والصين وغيرهما، حتى إني كنت أسمع كلام السمك في البحار المحيطة ، ثم إن الله حجب ذلك عني، وأبقى معي العلم كي لا أنكر مثل ذلك على أحد.
وكان سيدي أحمد بن الرفاعي يتكلم على الكرسي بأم عبيدة، فيسمعه من حوله من القرى، والله على كل شيء قدير انتهى.
وقد ذكر بعض الكبار أنه انخرق لسمعه (صلى الله عليه وسلم) وبصره وشمه وإدراكه ولمسه وسائر حواسه جميع الكون، وسائر المملكة الربانية، وأنه يرى منها ما شاء متى شاء، ويسمع ويسمع ويشم ويشم ويلمس ويتناول، ويأخذ ويعطي، كذلك ويحول ويتصرف، ويفعل ما شاء على الوجه الذي شاء، وأذن له فيه، ولا ينحجب عنه شيء، أو يمتنع منه أيا كان، إذا أراده على أي وجه كان، وأي وصف في المملكة كلها عموما.
قلت: والأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب والحكايات المنقولة عن أهل الله تعالى تشهد بذلك، وتأمل ما تقدم عن الشيخ عبد السلام الأسمر أن الله تعالى أطلعه على جميع الكائنات، وكشف له عن ملكوت السماوات والأرض والجنة وما فيهما ظاهرا وباطنا.
وعن سيدي أحمد بن الرفاعي من أنه صحب ثمانمائة ألف أمة ممن يأكل ويشرب ويروث وينكح، وأنه لا يكمل الرجل حتى يصحب هذا العدد، ويعرف كلامهم وصفاتهم وأسماءهم وأرزاقهم وآجالهم، ولا تستقر نطفة في فرج أنثى إلا وينظر إليها، ويعلم بها، وأمثال هذا عن الأولياء كثير، وهم قطرات أو جداويل من بحار علمه ومعرفته، وما أطلعه الله عليه وأراه إياه، بل ما نالوا ذلك إلا منه، ولا اغترفوه إلا من بحره الطام الذي لا حد له ولا نهاية، والعقول كلها لا تتسع لإدراك ماهيته وحقيقته، والله ذو الفضل العظيم والمن على ما يشاء من خلقه، لا رب سواه سبحانه وتعالى.
وقوله: (إدراك الجنة قبل موته).
صفحة ١١٥