كل واحد على الآخر حتى أتى على آخر ذلك الصف ثم أحالوه على الأول أي المسؤول أولا فأحاله على الذي كان على يساره فسأله فأحاله على الذي بجانبه وهكذا حتى أتى على آخرهم فأحالوه على الأول فرجع إليه وأجابه عن مسألته انتهى فانظر رحمك الله تعالى إلى هؤلاء العلماء الأشراف، والمجمع الجامع لمحاسن التقوى والإنصاف الذي جمع هذا الجم الغفير والجمع الكثير في وقت اتفاقي فما ظنك بمن لم يجمعهم ذلك المجمع ولم يحضر ذلك الموضع من أهل القرى البعيدة أو القريبة الذين لم يسمعوا ولم يحضروا فإنا لله وإنا إليه راجعون، فأين تلك العلماء ومصنفاتهم، وأين مدارسهم وتلامذتهم وأين كتبهم ومؤلفاتهم وأين تلك العلوم والأطلال والرسوم:
ذهبوا كأن لم يخلقوا * والكل في الآثار ذاهب شرك به كل البرايا * أينما كانوا نواشب لم ينج ذو سرف وذو * شرف وإن ملكا المقانب ما في الوجود فللفناء * وكل آت فهو ذاهب فاعتد للتقوى له * فالحزم في نظر العواقب ولمصنف الكتاب في التحسر على ما جرى عليها من الحوادث والأوصاب:
كانت أوال مدينة * للعلم والعمل الصحيح ومحط أرباب التقى * والزهد والأدب الفصيح ومحل أرباب النهى * والدين كل فتى رجيح من جهبذ ورع وذي * فضل وعمال ربيح كم عابد متهجد * في ليله حتى الصبوح
صفحة ٥١