95

أنوار البروق في أنواء الفروق

الناشر

عالم الكتب ومطبعة دار إحياء الكتب العربية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٤٧ هجري

مكان النشر

بيروت ومصر

الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَّقَ جَمِيعَ الطَّلَقَاتِ عَلَى جَمِيعِ الدَّخَلَاتِ عَلَى وَجْهِ التَّفْرِيقِ لِإِفْرَادِ الطَّلَاقِ عَلَى إفْرَادِ الدُّخُولِ لَا عَلَى وَجْهِ اجْتِمَاعِ أَفْرَادِ الطَّلَاقِ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ إفْرَادِ الدُّخُولِ فَلَا جُرْمَ لَزِمَ بِكُلِّ دَخْلَةٍ طَلْقَةٌ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي تَعْلِيقُ مُطْلَقٍ عَلَى مُطْلَقٍ نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَّقَ مُطْلَقَ الطَّلَاقِ عَلَى مُطْلَقِ الدُّخُولِ فَإِذَا وَجَدَ مُطْلَقَ الدُّخُولِ لَزِمَ مُطْلَقُ الطَّلَاقِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَإِنْ وَإِذَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ وَهُوَ أَنَّ إذَا تَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ مُطَابَقَةً وَالشَّرْطُ يَعْرِضُ لَهَا فَيَلْزَمُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَقَدْ تُعَرَّى عَنْ الشَّرْطِ وَتُسْتَعْمَلُ ظَرْفًا مُجَرَّدًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ [الليل: ١] ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ [الليل: ٢] فَهِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَمَعْنَاهُ أُقْسِمُ بِاللَّيْلِ حَالَةَ غَشَيَانِهِ وَبِالنَّهَارِ حَالَةَ تَجَلِّيهِ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ الْحَالَاتِ وَالْقَسَمُ تَعْظِيمٌ لِلْمُقْسَمِ بِهِ وَتَعْظِيمُ الشَّيْءِ فِي أَعْظَمِ حَالَاتِهِ مُنَاسِبٌ وَأَمَّا إنْ فَتَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِ مُطَابَقَةً وَعَلَى الزَّمَانِ الْتِزَامًا عَكْسُ إذَا فَإِنَّ الدُّخُولَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ زَمَانٍ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ فَهُمَا مُتَعَاكِسَانِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِطْلَاقِ وَبَقِيَتْ أُمُورٌ أُخَرُ تَخْتَصُّ بِهَا إذَا نَحْوَ الْأَسْمِيَةِ وَغَيْرِهَا لَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهَا هُنَا.
(الْقِسْمُ الثَّالِثُ) تَعْلِيقُ مُطْلَقٍ عَلَى عَامٍّ نَحْوَ مَتَى وَأَيْنَ وَحَيْثُ فَهَذِهِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ أَوْ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ طَلْقَةً وَاحِدَةً كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ أَوْ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَهَذِهِ الصِّيَغُ هِيَ أَبْلَغُ صِيَغِ الْعُمُومِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ صَرَّحَ بِهَا لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَى آخِرِ مَا قَالَ فِي هَذَا الْقِسْمِ) قُلْتُ: إنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْمُعَلِّقِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مِثْلَ فَأَنْتِ طَالِقٌ جَمِيعَ أَفْرَادِ الطَّلَاقِ أَوْ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الطَّلَاقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَيْسَ بِعَامٍّ وَكَيْفَ وَهُوَ أَتَى بِهِ بَعْدُ فِي مِثَالِ تَعْلِيقِ مُطْلَقٍ عَلَى مُطْلَقٍ قَالَ:
(وَالْقِسْمُ الثَّانِي تَعْلِيقُ مُطْلَقٍ عَلَى مُطْلَقٍ نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَى آخِرِ مَا قَالَ: فِي هَذَا الْقِسْمِ) قُلْتُ: قَدْ نَقَصَ قَوْلُهُ أَنَّ إذَا لِلْإِطْلَاقِ بَعْدَ هَذَا وَقَالَ: إنَّهَا لِلْعُمُومِ وَقَوْلُهُ فِي أَنَّ إنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ الْتِزَامًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الزَّمَانِ وَإِنَّمَا الدَّالُّ الْفِعْلُ الَّذِي تَدْخُلُ عَلَيْهِ.
قَالَ: (الْقِسْمُ الثَّالِثُ تَعْلِيقُ مُطْلَقٍ عَلَى عَامٍّ نَحْوَ مَتَى وَأَيْنَ إلَى آخِرِ قَوْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ صَرَّحَ بِهَا لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ) قُلْتُ: زَعْمُهُ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ أَوْ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ طَلْقَةً وَاحِدَةً مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَأَنَّهُ مِنْ أَبْلَغِ صِيَغِهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ كُلَّ إذَا أُضِيفَتْ إلَى الْمُعَرَّفِ لَا تَكُونُ لِلْعُمُومِ وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي مَعْنَى جَمِيعٍ وَجَمِيعٌ لَا تُضَافُ إلَّا إلَى الْمُعَرَّفِ فَلَا يُقَالُ جَمِيعُ رَجُلٍ فِي مَعْنَى كُلُّ رَجُلٍ فَجَمِيعُ الْأَيَّامِ وَكُلُّ الْأَيَّامِ لَيْسَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَإِنَّمَا لَفْظُ الْعُمُومُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ أَنْتِ فِيهِ طَالِقٌ، ثُمَّ إنَّهُ أَرَادَ تَمْثِيلَ تَعْلِيقِ مُطْلَقٍ عَلَى عَامٍّ فَلَمْ يَأْتِ بِعَامٍّ وَلَا مُطْلَقٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ كَمَا تَبَيَّنَ.
وَقَوْلُهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ قَيَّدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
مَعَ كَانَ نَحْوَ ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ [البقرة: ٢٣] إذْ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ فِيمَا مَضَى وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ.

1 / 96