278

أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل

محقق

د. عبد الرحمن بن إبراهيم المطرودى

الناشر

دار عالم الكتب المملكة العربية السعودية

رقم الإصدار

الأولى،١٤١٣ هـ

سنة النشر

١٩٩١ م

مكان النشر

الرياض

فإن قيل: قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ ... الآية) (يدل) على أن من لم يزهد في الدنيا ولم يتركها كان من أهل النار والأمر بخلافه؟
قلنا: المراد من كان يريد بإسلامه وطاعته وعبادته الدنيا لا غير، ومثل هذا لا يكون إلا كافرًا أو منافقًا، ولهذا قال ابن جرير هذه الآية لمن لا يوقن بالمعاد، فأما من أراد الدنيا قدر ما يتزود به إلى الآخرة كيف يكون مذمومًا، مع أن الاستغناء عن الدنيا بالكلية وعن جميع ما فيها لا يتصور في حق البشر، ولو كانوا أنبياء، فعلم أن
المراد ما قلنا.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا)
أى ممنوعًا، ونحن نرى ونشاهد في الواقع أن راحد أعطاه قناطير مقنطرة وآخر منعه حتى الدائق والحبة؟
قلنا: المراد بالعطاء هنا الرزق والله تعالى سوى في ضمان الرزق وإيصاله بين البر والفاجر والمطيع والعاصى ولم يمنع الرزق على العاصى بسبب عصيانه، فلا تفاوت بين العباد في أصل الرزق، وإنما التفاوت بينهم في مقادير الإملاك.
* * *
فإن قيل: كيف منع الله تعالى الكفار التوفيق والهداية ولم يمنعهم الرزق؟
قلنا: لأنه لو منعهم الرزق لهلكوا وصار ذلك حجة لهم يوم القيامة،

1 / 277