247

أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل

محقق

د. عبد الرحمن بن إبراهيم المطرودى

الناشر

دار عالم الكتب المملكة العربية السعودية

رقم الإصدار

الأولى،١٤١٣ هـ

سنة النشر

١٩٩١ م

مكان النشر

الرياض

سورة الحجر
* * *
فإن قيل: كيف قالوا: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) اعترفوا بنبوته لأن الذكر هو القرآن المنزل عليه، ثم وصفوه بالجنون؟
قلنا: إنما قالوا ذلك استهزاء وسخرية لا تصديقا ولا اعترافا، كما قال فرعرن لقومه: (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ)
وكما قال قوم شعيب له: (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) .
ونظائره كثيرة، الثانى: أن فيه إضمار تقديره: يا أيها الذي يدعى أنه نزل عليه الذكر.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ) والوارث هو الذي يتجدد له الملك، بعد فناء المورث، والله تعالى إذا مات الخلائق لم يتجدد له ملك لأنه لم يزل مالكا للعالم بجميع ما فيه ومن فيه؟
قلنا: الوارث في اللغة عبارة عن الباقى بعد فناء غيره، سواء تجدد له بعده ملك أو لا، ولهذا يصح أن يقال لمن أخبر أن زيدا مات وترك ورثة، هل ترك لهم مالًا أو لا؟
فيكون معنى الآية: ونحن الباقون بعد فناء الخلائق، الثانى: أن الخلائق لما كانوا يعتقدون أنهم مالكون، وبسمون بذلك أيضًا مجازًا أو خلافة عن الله تعالى كالعبد
المأذون والمكاتب أو يدل عليه قوله تعالى: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ)

1 / 246