عناية المسلمين باللغة العربية خدمة للقرآن الكريم - أحمد محمد الخراط
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
تصانيف
والبلاغيون، واستنبطوا منها الأصول التي بَنَوْا عليها علومهم، وما خالف شروط القراءة الصحيحة عَدُّوه شاذًا.
وقد تحدث ابن جني عن الاحتجاج بالنوعين في مقدمة كتابه «المحتسب» (١) فذكر «ضربًا اجتمع عليه أكثر قراء الأمصار، وهو ما أودعه ابن مجاهد كتابه الموسوم بقراءات السبعة، وهو بشهرته غان عن تحديده، وضربًا تعدَّى ذلك، فسمَّاه أهل زماننا شاذًا، أي: خارجًا عن قراءة القراء السبعة المقدَّم ذكرها، إلا أنه مع خروجه عنها نازع بالثقة إلى قرائه، محفوف بالروايات مِنْ أمامه وورائه، ولعله أو كثيرًا منه مساوٍ في الفصاحة للمجتمع عليه، نعم وربما كان فيه ما تلطف صنعته، وتعنُف بغيره فصاحته (٢)، وترسو به قدم إعرابه. لكن غرضنا منه أن نُري وجه قوة ما يُسَمَّى شاذًا، وأنه ضارب في صحة الرواية بجِرانه، آخِذٌ من سَمْتِ العربية مهلة ميدانه؛ لئلا يرى مُرىً (٣) أن العدول عنه إنما هو غضٌّ منه أو تهمة له» .
فالقراءات المتواترة والشاذة حجة عند أهل العربية، وإن كانت الأُولى أعلى قدرًا. وقد صنف علماء العربية ثلاثة أنواع من المصنفات لخدمة القراءات في ضوء صناعتهم: الضرب الأول يختص بالمتواتر، ومنه «الحجَّة»
_________
(١) المحتسب ١ / ٣٢.
(٢) يريد أن فصاحته متفوقة.
(٣) أي: يظن ظان.
1 / 47