عناية المسلمين باللغة العربية خدمة للقرآن الكريم - أحمد محمد الخراط
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
تصانيف
عن قوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ (النحل: ٤٧) . فقام إليه شيخ من هذيل فقال: هذه لغتنا، التخوُّف التنقُّص. فسأله عمر: هل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ قال: نعم. قال الشاعر:
تَخَوَّف الرَّحْلُ منا تامِكًا قَرِدًا ... كما تخوَّفَ عودَ النَّبْعَة السَّفِنُ (١)
فقال عمر: أيها الناس، عليكم بديوانكم لا يضلُّ. فقالوا: وما ديواننا؟
قال: شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم.
وقام حَبْرُ الأمة ابن عباس ﵁ في ميدان الاستشهاد بالشعر على غريب القرآن بجهد متميز، وكان له مجالس واسعة تعقد لهذا الغرض، ويَفِدُ إليه الناس من كل حدب وصوب، وكان يقول (٢): «إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر؛ فإن الشعر ديوان العرب» .
وقال عمرو بن دينار (٣): «ما رأيت مجلسًا قط أَجْمَعَ لكل خير من مجلس ابن عباس للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والشعر» . وتحتفظ مصنفات علوم القرآن بحوار علمي مطولٍ جرى بين أحد زعماء الخوارج وهو نافع بن الأزرق وابن عباس، فقد قال نافع لصاحبه نجدة بن عويمر: قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن والفتيا بما لا عِلْمَ له به. فقاما إليه فقالا: نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله ﷿ فتفسِّره لنا، وتاتينا بمصداقه من
_________
(١) التامك: السنام. القرد: الذي تراكم لحمه من السِّمن. والنبعة: ضرب من الشجر الصلب. والسفن: المبرد.
(٢) طبقات القراء ١ / ٤٢٦.
(٣) طبقات القراء ١ / ٤٢٦.
1 / 39