126

كانت السياحة هي الوسيلة الوحيدة للإحساس بالبلاد البعيدة.

أما اليوم فنحن نحسها بالعين والأذن كلما أردنا، ونحن في الدار أو على مقربة من الدار ...

الصحف تنقل إلينا أخبارها.

والإذاعة تسمعنا أصواتها وأصداءها.

والصور المتحركة تستدني للآذان - كما تستدني للعيون - كل ما هو خليق منها بمشاهدته أو الاستماع إليه.

وعلم تخطيط البلدان قد يعرفك بما يجهله المقيمون فيها، ومراجع التاريخ قد تملأ نفسك بما يملأ عصورها من الأحداث والذكريات، ونقوش الفنانين وأغاني الشعراء والموسيقيين تهيئ لك أن تنفذ إلى روحها ، وتمتزج بعبقريتها، وتحياها على أحسن أنماطها في الحياة. •••

نعم، إن الإحساس بالمكان - وأنت فيه - غير الإحساس به وأنت على مسافة منه ... ولكن هل نستطيع أن نقول: إن الإحساس بالمكان القريب يغني عن الإحساس بالبعيد؟ أو هل نستطيع أن نقول: إن الإحساس من الداخل يغني عن الإحساس من الخارج؟ أو أن الإحساس بالعين والأذن يغني عن الإحساس بالوعي والخيال؟

هما إحساسان - ولا شك - لازمان ...

والخير كل الخير أن تجمع بينهما، وأن تكون رحلتك الخارجية مقرونة برحلتك الداخلية ...

فإذا تعذر الخير كل الخير، فالخير بعض الخير «خير» من لا شيء!

صفحة غير معروفة