155

وقالت أمي: كنت من أسبوع هناك، مسكينة الست نور، من يوم رحمة المرحوم وهي دائما بخير، وجاءت منى إلى جنبي: الله يحميها وأفرح لك بعروس مثلها! والنهاية سمعت الست نور تشتكي من دفع عشرة آلاف جنيه لحمادة الأصفر.

وغلى الدم في رأسي وصحت أنا الآخر: عشرة آلاف جنيه!

فأجابت أمي: سألت الست نور هذا السؤال فقالت: إن محمد باشا دفعها، طبعا من مال المرحوم؛ لأنه الباشا هو الذي يتولى إدارة المحلج والأطيان، نسايب طبعا.

وقمت واقفا في غضب: لص طبعا! ألم تقولي لها إنه لص، ألم تقولي لها إنه نصاب أفاق دنيء متعصب.

فقالت أمي: أقول لها يا بني؟ أقول لها إن الباشا لص؟ عيب يا ابني؟ حزنت والله يا ابني من أجل الخسارة بغير الفائدة، وقلت في سري يا ليتك يا ابني ما تعرضت للخبيث المحتال حمادة.

حمادة يأخذ من الست عشرة آلاف جنيه؟ ما ذنبك يا بني تخسر مائة جنيه؟ قلت أرسل إليك كلمة حتى تعرف، لكن الشرح في الخطاب يطول وأنا أحب أنك تعرف كل شيء، وتتصرف مع حمادة الأصفر لتسترد منه المائة جنيه، كان يهون علي يا بني دفع أي مبلغ، والله يا بني كنت في الليل والنهار أدعو لك؛ لأنك حفظت جميل السيد أحمد جلال. ولكن حرام! أنت أولى بمالك ومالك حلال بعرق الجبين.

وكنت منصرفا إلى حديث حانق في ضميري واستمرت أمي تتكلم وأنا أستمع إلى أقوالها كأنها منبعثة من غرفة بعيدة، وكنت أفكر في الباعث الذي جعل محمد باشا يدفع عشرة آلاف جنيه لحمادة الأصفر إن كان قد دفعها حقا، لقد مزقت الورقة التي كان حمادة يساوم بها، مزقتها بيدي ورأيت عليها إمضاء السيد أحمد جلال التي أعرفها، لم يكن ذلك حلما وأمي تعرف أني أخذت منها الجنيهات المائة لأدفعها إلى حمادة.

وسألت أمي في دهشة حانقة: ألا تذكرين الليلة التي أخذت فيها المائة جنيه منك؟ ألم أقل لك إني دفعتها إلى حمادة؟ أكاد أشك في عقلي.

فأجابت أمي: الله يحميك يا بني ويحمي عقلك طبعا أتذكر فداك مائة جنيه وألف جنيه، ولكنك معذور يا بني.

فقلت مندفعا: لم يخطر في بالي أن هذا الخبيث يدور من الناحية الأخرى مثل الثعلب في حظيرة الدجاج ... حمادة يحلم بألف جنيه؟ حمادة يأخذ عشرة آلاف جنيه؟ لا بد أن في الأمر مؤامرة أخرى.

صفحة غير معروفة