150

لست أدري هل كانت هذه الحلي ذهبية أم مذهبة، ولكنها كانت على كل حال توحي بأن أمامي امرأة ثائرة تتحدى، وخيل إلي أنها كانت أطول قامة وأرشق قواما من أثر كعبها العالي وثوبها الأنيق.

ووقفت أمامي واضعة يديها على جانبي خصرها الدقيق، فظهرت تقاسيم جسمها بديعة التناسق، وأما وجهها فكان يشبه زهرة ماردة في غابة استوائية، ولما ردت على تحيتي كان على وجهها شيء يشبه ابتسامة ضئيلة، ولكنها كانت أقرب إلى أن تكون دعوة لبدء معركة، فكأن مظهرها في جملته يشبه غجرية حسناء تمسك في يدها خنجرا، وتقف لتحاسب غريمها الذي أثار غضبها.

وقلت لها في صوت خافت: ألا تجلسين قليلا؟ أأجيء لك بكرسي؟

وهممت بأن أقوم لأحضر لها كرسيا ولكن ردها كان حاسما، فإنها هزت رأسها في سخرية وقالت: لأ مرسي.

وفتحت عيني من الدهشة؛ لأني لم أسمعها تنطق بمثل تلك النغمة من قبل، وبدأت أزيد انكماشا وارتباكا، وخطر لي أن أقف حتى لا أحادثها وأنا جالس ولكني ترددت ولم أفعل.

وقلت لها في تكلف سخيف: ليلة جميلة والحر بدأ يهدأ.

فقال وهي تهز رأسها مرة أخرى: ويحلو فيها الجلوس في القمر على انفراد، فلأذهب لأتركك وحدك.

فقلت في بساطة: بالعكس يا فطومة، يسرني أن أراك بعد هذه الغيبة الطويلة.

وكنت في الحق مخلصا في كلمتي.

وأحسست كأن إناء من الماء البارد صب على رأسي عندما ضحكت ضحكة طويلة، وأمالت رأسها إلى الوراء قائلة: آه، مرسي!

صفحة غير معروفة