وَقُدْرَتِهِ تَحْمِلُ الْعَسَلَ فِي أَفْوَاهِهَا، وَالشَّمْعَ عَلَى أَفْخَاذِهَا وَظُهُورِهَا. وَتَقُولُ: نَحْلَةٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْجَمْعُ نَحْلٌ، وَالنَّحْلُ مُذَكَّرَاتٌ وَمُؤَنَّثَاتٌ، وَيُقَالُ لِلنَّحْلِ: ذُبَابُ الْخِصْبِ، وَذُبَابُ الرَّبِيعِ. أُفْرِدَ لَهَا هَذَا الِاسْمُ لِشَرَفِهَا، مَقْرُونٌ بِشَرَفِ الْوَقْتِ الَّذِي تَنْتَشِرُ فِيهِ، وَهُوَ الْفَصْلُ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ الذُّبَابُ وَالْخِصْبُ وَالْخَيْرُ وَالْمَرْعَى. وَسُمِّيَ الْمُعْتَدُ مِنَ الرِّجَالِ السَّيِّدُ الْمُؤْتَمِرُ لَهُ يَعْسُوبًا تَشْبِيهًا بِيَعْسُوبِ النَّحْلِ، وَهُوَ أَمِيرُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: «عَلَيٌ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ» . أَيْ سَيِّدُهُمْ. وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الْمُنَافِقِينَ. وَوَقَفَ عَلِيُّ ﵁ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ مَقْتُولٌ، فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ: هَذَا يَعْسُوبُ قُرَيْشٍ. أَيْ سَيِّدُهُمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْيَعْسُوبِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ نَحْلَةٌ ذَكَرٌ أَكْبَرُ مِنَ الْإِنَاثِ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ النَّحْلُ وَيَتَفَرَّقْنَ عَنْهُ، وَهُوَ مُقِيمٌ لَا يَبْرَحُ، فَإِنْ خَرَجَ خَرَجْنَ مَعَهُ، وَإِنْ غَابَ طَلَبْنَهُ، وَإِنْ ضَاعَ تَمَزَّقْنَ وَتَشَتَّتْنَ، وَلَمْ يَصْلُحْنَ إِلَّا بِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ الْأُنْثَى وَتُسَمَّى الْأُمَرَاءُ، وَالنَّحْلُ يُسَمَّى النَّحَّالُ وَذَكَرُ النَّحْلِ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ لِعَجِيبِ صَنْعَتِهَا، وَجَلِيلِ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بُطُونِهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمَنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرُشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ [النحل: ٦٩] . وَتَنَاهَى مَا جَاءَ فِي ذِكْرِهِ مِنَ الشِّعْرِ كَثِيرٌ، كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
[البحر الطويل]
وَلَا مَا تَمُجُّ النَّحْلُ فِي مَتَمَنِّعٍ ... فَقَدْ ذُقْتُهُ مُسْتَطْرَفًا وَصَفَا لِيَا
1 / 68