أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ

الرامهرمزي ت. 360 هجري
11

أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ

محقق

أحمد عبد الفتاح تمام

الناشر

مؤسسة الكتب الثقافية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٩ هجري

مكان النشر

بيروت

تصانيف

١١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، ثنا أَبُو الْمُغَلِّسِ النُّمَيْرِيُّ، ثنا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ التَّمَّارِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَالذُّبَابُ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا، فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَقْتَحِمُونَ فِيهَا» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: اسْتَوْقَدَ بِمَعْنَى أَوَقَدَ كَمَا قَالُوا: اسْتَجَابَ بِمَعْنَى أَجَابَ. قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ٢٤] وَقَالَ: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧] ⦗٢٧⦘. وَقَالَ الْغَنَوِيُّ: [البحر الطويل] وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ وَالْحُجَزُ وَاحِدَتُهَا حُجَزَةٌ، تَقُولُ: حُجَزَةٌ وَحُجَزٌ وَحُجَزَاتٍ، وَهِيَ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَحَيْثُ يُثْنَى طَرَفُهُ قَالَ النَّابِغَةُ: [البحر الطويل] رِقَاقُ النِّعَالِ طَيِّبٌ حُجَزَاتُهُمْ ... يُحَيُّونَ بِالرَّيْحَانِ يَوْمَ السَّبَاسِبِ وَهَذَا تَمْثِيلٌ مِنْ أَوْجَزِ الْكَلَامِ وَأَبْلَغِهِ وَأَشَدِّهِ اخْتِصَارًا تَقُولُ: أَخَذْتُ بِحُجَزَتِهِ عَنْ كَذَا إِذَا صَدَدْتَهُ عَنْهُ وَمَنَعْتَهُ مِنْهُ، وَتَقُولُ: أَخَذْتُ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى كَذَا إِذَا قُدْتَهُ إِلَيْهِ وَقَهَرْتَهُ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ [هود: ٥٦] . أَيْ هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا، مَالِكٌ لَهَا. وَالنَّاصِيَةُ تَنَاهِي شَعْرِ الرَّأْسِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ وَقَالَ: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ [الرحمن: ٤١] . أَيْ يُسَاقُونَ إِلَى النَّارِ قَهْرًا. وَيَقُولُ الْقَائِلُ: نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، فِي مَعْنَى الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ ⦗٢٨⦘. وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: [البحر الطويل] عَشِيَّةَ أَعْطَتْنَا عُمَانُ أُمُورَهَا ... وَقُدْنَا مَعَدًّا عَنْوَةً بِالْخَزَائِمِ يُرِيدُ أَنَّهُمْ غَلَبُوهُمْ وَسَاقُوهُمْ قَهْرًا. وَقَوْلُهُ: «أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ» . يَقُولُ: أُحَذِّرُكُمُوهَا، وَأَصُدُّكُمْ عَنْهَا، وَأُرَغِّبُكُمْ فِي الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا، وَأَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ سَاهُونَ لَا تَشْعُرُونَ، كَمَا يَقْتَحِمُ الْفَرَاشُ النَّارَ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، لِمَيْلِكُمْ إِلَى الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا، وَإِيثَارِكُمْ لَهَا عَلَى ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا عِنْدَهُ، الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَأَبْقَى، فَهَذِهِ مَوْعِظَةٌ لِبَعْضِ مَنْ أَجَابُوا الدَّعْوَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَعِيدًا لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ

1 / 26