أعن صبوح ترقق! قال أبو عبيد: وكان المفضل يخبر بأصله قال: كان رجل نزل بقوم ليلًا فأضافوه وغبقوه، فلما فرغ قال: إذا صبحتموني غدًا فكيف آخذ في حاجتي؟ فقيل له عند ذلك: " أعن صبوحٍ ترقق " والصبوح هو الغداء والغبوق هو العشاء، وإنما أراد الضيف بهذه المقالة أن يوجب الصبوح عليهم، فصار مثلًا لكل من كنى عن شيء وهو يريد غيره. وقد روى هذا المثل عن عامر الشعبي أنه قاله لرجل سأله عمن قبَّل أم امرأته فقال: أعن صبوح ترقق، حرمت عليه امرأته. قال أبو عبيد: طن الشعبي، فيما أحسب، أنه أراد غير القبلة فكنى بها عن ذلك. وقال أبو زيد والأصمعي في مثل هذا أيضًا: يس حسوًا في ارتغاء.
قال الأصمعي: واصله الرجل يؤتى باللبن فيظهر أنه يريد الرغوة خاصة، ولا يريد غيرها، فيشربها وهو في ذلك ينال من اللبن. والارتغاء هو شرب الرغوة، يقال: منه ارتغت ارتغاء. ومن التعريض قولهم: إياك أعني فاسمعي يا جاره.
ويروى عن بعض العلماء أنَّ المثل لسهل بن مالك الفزاري، قاله لأخت حارثة بن لأم الطائي. وقد قال غير أبي عبيد لنهشل. قال: وللعامة مثل قد ابتذلوه في هذا حتى يتكلم به ولدانهم وهو يقول:
1 / 65