أمراض القلب وشفاؤها

ابن تيمية ت. 728 هجري
21

أمراض القلب وشفاؤها

الناشر

المطبعة السلفية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٩هـ

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التصوف
النِّسَاء وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قَالَ قد أنعم الله على إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله ليَقُولن كَأَن لم يكن بَيْنكُم وَبَينه مَوَدَّة يَا لَيْتَني كنت مَعَهم فأفوز فوزا عَظِيما فَهَؤُلَاءِ المبطئون لم يُحِبُّوا لإخوانهم الْمُؤمنِينَ مَا يحبونَ لأَنْفُسِهِمْ بل إِن أَصَابَتْهُم مُصِيبَة فرحوا باختصاصهم وَإِن أَصَابَتْهُم نعْمَة لم يفرحوا لَهُم بهَا بل أَحبُّوا أَن يكون لَهُم مِنْهَا حَظّ فهم لَا يفرحون إِلَّا بدنيا تحصل لَهُم أَو شَرّ دُنْيَوِيّ ينْصَرف عَنْهُم إِذْ كَانُوا لَا يحبونَ الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة وَلَو كَانُوا كَذَلِك لأحبوا إخْوَانهمْ وأحبوا مَا وصل إِلَيْهِم من فَضله وتألموا بِمَا يصيبهم من الْمُصِيبَة وَمن لم يسره مَا يسر الْمُؤمنِينَ ويسوؤه مَا يسوء الْمُؤمنِينَ فَلَيْسَ مِنْهُم فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ سَمِعت النُّعْمَان بن بشير يخْطب وَيَقُول سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول مثل الْمُؤمنِينَ فِي توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الْجَسَد الْوَاحِد إِذا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْء تداعى لَهُ سَائِر الْجَسَد بالحمى والسهر وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ﵁ قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ الْمُؤمن لِلْمُؤمنِ كالبنيان يشد بعضه بَعْضًا وَشَبك بَين أَصَابِعه وَالشح مرض وَالْبخل مرض والحسد شَرّ من الْبُخْل كَمَا فِي الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن النَّبِي ﷺ انه قَالَ الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب وَالصَّدََقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة كَمَا تُطْفِئ المَاء النَّار وَذَلِكَ أَن الْبَخِيل يمْنَع نَفسه والحسود يكره نعْمَة الله على عباده وَقد يكون فِي الرجل إِعْطَاء لمن يُعينهُ على أغراضه وحسد لنظرائه وَقد يكون فِيهِ بخل بِلَا حسد لغيره وَالشح أصل ذَلِك قَالَ تَعَالَى الْحَشْر والتغابن وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي ﷺ انه قَالَ إيَّاكُمْ وَالشح فَإِنَّهُ أهلك من كَانَ قبلكُمْ أَمرهم بالبخل فبخلوا وَأمرهمْ بالظلم فظلموا وَأمرهمْ بالقطيعة فَقطعُوا وَكَانَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف يكثر من الدُّعَاء فِي طَوَافه يَقُول اللَّهُمَّ قني شح نَفسِي فَقَالَ لَهُ رجل مَا أَكثر مَا تَدْعُو بِهَذَا فَقَالَ إِذا وقيت شح نَفسِي وقيت الشُّح وَالظُّلم والقطيعة والحسد يُوجب الظُّلم فصل فالبخل والحسد مرض يُوجب بغض النَّفس لما ينفعها بل وحبها لما يَضرهَا وَلِهَذَا يقرن الْحَسَد بالحقد وَالْغَضَب وَأما مرض الشَّهْوَة والعشق فَهُوَ حب النَّفس

1 / 23