أمراض القلب وشفاؤها

ابن تيمية ت. 728 هجري
20

أمراض القلب وشفاؤها

الناشر

المطبعة السلفية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٩هـ

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التصوف
أحدهم أَن يفضل الآخر عَلَيْهِ كحسد إخْوَة يُوسُف وكحسد ابْني آدم أَحدهمَا لِأَخِيهِ فَإِنَّهُ حسده لكَون أَن الله تقبل قربانه وَلم يتَقَبَّل قرْبَان هَذَا فحسده على مَا فَضله الله من الايمان وَالتَّقوى كحسد الْيَهُود للْمُسلمين وَقَتله على ذَلِك وَلِهَذَا قيل أول ذَنْب عصى الله بِهِ ثَلَاثَة الْحِرْص وَالْكبر والحسد فالحرص من آدم وَالْكبر من إِبْلِيس والحسد من قابيل حَيْثُ قتل هابيل وَفِي الحَدِيث ثَلَاث لَا ينجو مِنْهُنَّ أحد الْحَسَد وَالظَّن والطيرة وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِمَا يخرج من ذَلِك إِذا حسدت فَلَا تبغض وَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق وَإِذا تطيرت فَامْضِ رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَفِي السّنَن عَن النَّبِي ﷺ دب إِلَيْكُم دَاء الْأُمَم قبلكُمْ الْحَسَد والبغضاء وَهِي الحالقة لَا أَقُول تحلق الشّعْر وَلَكِن تحلق الدّين فَسَماهُ دَاء كَمَا سمى الْبُخْل دَاء فِي قَوْله وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل فَعلم أَن هَذَا مرض وَقد جَاءَ فِي حَدِيث آخر أعوذ بك من مُنكرَات الخلاق والأهواء والأدواء فعطف الأدواء على الاخلاق والأهواء فَإِن الْخلق مَا صَار عَادَة للنَّفس وسجية قَالَ تَعَالَى الْقَلَم وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم قَالَ ابْن عَبَّاس وَابْن عُيَيْنَة وَأحمد ابْن حَنْبَل ﵃ على دين عَظِيم وَفِي لفظ عَن ابْن عَبَّاس على دين الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ قَالَت عَائِشَة ﵂ كَانَ خلقه الْقُرْآن وَكَذَلِكَ قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ ادب الْقُرْآن هُوَ الْخلق الْعَظِيم وَأما الْهوى فقد يكون عارضا والداء هُوَ الْمَرَض وَهُوَ تألم الْقلب وَالْفساد فِيهِ وَقرن فِي الحَدِيث الأول الْحَسَد بالبغضاء لِأَن الْحَاسِد يكره أَولا فضل الله على ذَلِك الْغَيْر ثمَّ ينْتَقل إِلَى بغضه فَإِن بغض اللَّازِم يَقْتَضِي بغض الْمَلْزُوم فَإِن نعْمَة الله إِذا كَانَت لَازِمَة وَهُوَ يحب زَوَالهَا وَهِي لَا تَزُول إِلَّا بزواله أبغضه واحب عَدمه والحسد يُوجب الْبَغي كَمَا أخبر الله تَعَالَى عَمَّن قبلنَا آل عمرَان أَنهم اخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم بغيا بَينهم فَلم يكن اخْتلَافهمْ لعدم الْعلم بل علمُوا الْحق وَلَكِن بغى بَعضهم على بعض كَمَا يَبْغِي االحاسد على الْمَحْسُود وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس ابْن مَالك ﵁ أَن النَّبِي ﷺ قَالَ لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تباغضوا وَلَا تدابروا وَلَا تقاطعوا وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا وَلَا يحل لمُسلم أَن يهجر اخاه فَوق ثَلَاث لَيَال يَلْتَقِيَانِ فيصد هَذَا ويصد هَذَا وخيرهما الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ وَقد قَالَ ﷺ فِي الحَدِيث الْمُتَّفق على صِحَّته من رِوَايَة أنس أَيْضا وَالَّذِي نفسى بِيَدِهِ لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ وَقد قَالَ تَعَالَى

1 / 22