الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ابن تيمية ت. 728 هجري
24

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الناشر

وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

أو شرب خمر، أو ظلم في المال بخيانة أو سرقة أو غصب، أو نحو ذلك. ومعلوم أن هذه المعاصي وإن كانت مستقبحة مذمومة في العقل والدين فهي مشتهاة أيضا، ومن شأن النفوس أنها لا تحب اختصاص غيرها بها، لكن تريد أن يحصل لها ما حصل له، وهذا هو الغبطة التي هي أدنى نوعي الحسد، فهي تريد الاستعلاء على الغير والاستئثار دونه، أو تحسده وتتمنى زوال النعمة عنه وإن لم يحصل، ففيها من إرادة العلو والفساد والاستكبار والحسد ما مقتضاه أنها تختص عن غيرها بالشهوات؛ فكيف إذا رأت الغير قد استأثر عليها بذلك واختص بها دونها؟ فالمعتدل منهم في ذلك الذي يحب الاشتراك والتساوي، وأما الآخر فظلوم حسود. وهذان يقعان في الأمور المباحة والأمور المحرمة لحق الله، فما كان جنسه مباحا من أكل وشرب ونكاح ولباس وركوب وأموال: إذا وقع فيها الاختصاص حصل الظلم، والبخل والحسد، وأصلهما الشح، كما في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: «إياكم والشح! فإنه أهلك من كان قبلكم: أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا» ولهذا قال الله تعالى في وصف الأنصار الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبل المهاجرين: ﴿وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا﴾ [الحشر: ٩] (سورة الحشر: من الآية ٩) . أي: لا يجدون الحسد مما أوتي إخوانهم

1 / 27