الحكم بقطع يد السارق في الشريعة الإسلامية
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
السنة الخامسة،العدد الثاني،شوال ١٣٩٢هـ
سنة النشر
نوفمبر ١٩٧٢م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
تجيعوهم لقطعت أيديهم". لأن الجائع مأخوذ مأذون له في مغالبة صاحب المال على أخذ ما يسد به رمقه ويحفظ عليه الحياة.
ثم إنه على فرض التسليم: بأن ما فعله عمر بن الخطاب –﵁ كان تغيير للحكم، وإسقاطا للعقوبة. فليس فيه دليل على جواز ذلك. لأنه ليس فيمن دون رسول الله –ﷺ حجة. وهذا أصل يقره عمر بن الخطاب نفسه فيما رواه ابن وهب عن يونس ابن يزيد عن ابن شهاب، أن عمر بن الخطاب –﵁ قال: وهو على المنبر: "يا أيها الناس، إن الرأي: إنما كان من رسول الله ﷺ مصيبا، إن الله كان يريه. وإنما هو منا الظن والتكلف"١.
ومن ذلك ما أخرجه البيهقي، من طريق الثوري بالسند إلى مسروق، قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب، فذكر في آخر كتابه: "هذا ما أرى الله، أمير المؤمنين عمر. فانتهره وقال: لا. بل أكتب: هذا ما رأى عمر. فإن كان صوابا: فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر"٢.
ويقول –﵁: "السنة ما سنه الله ورسوله –ﷺ ولا تجعلوا خطأ الرأي سنة للأمة" ٣.
خامسا: أما قولهم: "إن التشريع الذي تلائم أحكامه أمة ويتفق ومصالحها قد لا تلائم أحكامه أمة أخرى ويعارض مصالحها" فهذا ما نستعيذ بالله من شر خطراته على الذهن. فإن هذه السمة، إن انطبقت على أحكام الشرائع الوضعية التي جبلت بضعف البشر، وقصر النظر، وضيق المدارك، فإنها أبعد ما تكون عن شريعة الله التي أحكم نسجها،
_________
١ انظر: إعلام الموقعين ١/٥٤.
٢ قال العسقلاني: إسناده صحيح. انظر التلخيص الحبير ٢/٤٠٦.
٣ إعلام الموقعين ١/٥٤.
1 / 42