تمهيد
مقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
تمهيد
مقدمة
الفصل الأول
صفحة غير معروفة
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
أميرة الأندلس
أميرة الأندلس
تأليف
أمير الشعراء أحمد شوقي
تمهيد
زمن الرواية:
صفحة غير معروفة
عصر ملوك الطوائف.
مكان الرواية:
إشبيلية، أغمات.
أشخاص الرواية:
المعتمد بن عباد:
ملك إشبيلية.
الرميكية:
الملكة.
العبادية:
أم المعتمد.
صفحة غير معروفة
بثينة:
بنته.
القاضي ابن أدهم:
قاضي القضاة.
الأمير حريز:
من أبطال الأندلس.
الأمير بولس:
شقيق ملك الأسبان.
أبو الحسن:
تاجر بإشبيلية.
صفحة غير معروفة
حسون:
ابنه.
ابن حيون:
من الأدباء.
أبو القاسم:
من الأدباء.
مقلاص:
مضحك الملك.
لؤلؤ:
من حجاب الملك.
صفحة غير معروفة
جوهر:
من حجاب الملك.
ابن شاليب:
رسول ملك الأسبان.
الباز بن الأشهب:
لص شهير.
أمراء .
جند .
إلخ..
مقدمة
صفحة غير معروفة
جرت حوادث هذه القصة في زمن كان قطعة من ليل الملمات، أخذت الأندلس في جنحها الحالك ثم تركته نظما منحلا وركنا مضمحلا، وشمسا من دول الإسلام سقمت فألح عليها السقم فاحتضرت، فكانت لها في الغرب هدة وكانت عليها في الشرق ضجة؛ وخلال تلك القطعة من ليل الملمات كان الأندلس تحت ملوك الطوائف، وكان هؤلاء الملوك على شرف بيوتهم وتميز شخصياتهم ونبوغهم في كل علم وأدب أصحاب بذخ وترف، وأخدان صبوة وخلاعة، لا حظ لهم من همة الملك ولا نصيب من مراشد السلطان، وإنك لتعجب من انغماسهم في اللذات ونسيانهم لذكر العواقب، وهم أتعب خلق الله وأكثر الملوك ركوبا للغرر، واستهدافا للخطر، ومشيا على الحبائل والحفر، فأما في داخل دويلاتهم فكيد وائتمار، وفتنة نومها غرار، وسيفها في الغمد قليل القرار، حتى لا تكاد الشمس تطلع إلا على ملك مخلوع، ولا تغرب إلا على ملك مقتول، وأما في الخارج فكنت ترى هؤلاء الملوك بين نارين تتواعدان، وبين سيلين يتهدران: فملك الأسبان ألفونس يتجنى ويعتدي، ويضرب الجزية ويفرض الإتاوات، ويبعث لأخذ الأموال جباة أهل غلظة وقحة، وصاحب مراكش يوسف بن تاشفين هو وقواده ووزراؤه مشغوفون بالأندلس يمطرونه الرسل والرسائل إلى قضاته وفقهائه، مهيئين بذلك لفتح بنوا عليه الرجاء وعلقوا به الآمال، وكان ملوك الطوائف يخافون جارهم هذا المسلح المتوثب سلطان المغرب ويرجونه، فكان تملقهم له لا ينقطع، وكانت الأموال تحمل إليه في صورة المعونة، وكانت الرشا تقدم لوزرائه ورؤساء دولته في صورة الهدايا والألطاف، وكل هذا المال إنما كان يجمع من المكوس والمغارم! فتخيل كيف كان بؤس الرعية، وتأمل كيف تذهب معالم البلاد بين عبث الفرد وغفلة الجماعة. ولقد كان على قرطبة وهي حاضرة الملك أن تحمل شطر هذا البلاء، فلم تلبث أن انحطت عن ذلك المكان العالي الذي كانت فيه دار الخلافة ومطلع القصرين الدمشق والرصافة
1
فصارت كرسي إقليم وقاعدة دويلة وعرش ملك صغير يؤدي الجزية ولا يحس لها ذلة ولا هوانا.
الفصل الأول
المنظر الأول «مقصورة من مقاصير البديع (قصر المعتمد بن عباد) في إشبيلية وإلى يمينها مصلى وفي مؤخرها ستار كبير يحتجب، وقد وقف على بابها جوهر حاجب ابن عباد، ولؤلؤ ساقيه، ومقلاص مضحكه.»
جوهر (إلى لؤلؤ) :
كيف وجدت وجه الملك اليوم يا لؤلؤ؟
لؤلؤ :
كسنته، يفيض من البشاشة والبشر.
جوهر :
صفحة غير معروفة
بل أنت واهم يا لؤلؤ! إن وجه الملك تغير في هذه الأيام وبدا عليه التغضن وأثرت فيه الهموم أثرها الظاهر المبين.
مقلاص :
كان الله عون الملك، إنه ليحمل من هموم الملك وأكدار السياسة ما تنوء به الجبال، لعن الله السياسة وقبح الولاية، ولا جعل لي من أشغالها نصيبا.
جوهر (يضرب بيده على حدبة مقلاص) :
وأي نصيب كنت تؤمل من أمور الدولة يا مقلاص حتى سألت الله أن يحرمك منه؟
مقلاص (ملتفتا) :
دعني من هذيانك يا جوهر وانظر: هذه الأميرة أقبلت كأنها البدر في الليلة الظلماء، أو كأنها الظبي يتخطر على الحصباء. (تدخل الأميرة بثينة)
بثينة :
يا بشراي ما هذا الحظ العظيم، أصدقائي الثلاثة هاهنا، يجمعهم باب الملك! جوهر حاجب الملك، ولؤلؤ ساقي الملك، ومقلاص.
مقلاص (مقاطعا) :
صفحة غير معروفة
مقلاص المهرج الساقط والمضحك الوضيع.
الأميرة بثينة :
لا تقل هذا يا مقلاص، ولكن قل نديم الملك وصديق بنته بثينة.
مقلاص :
أنا مقلاص المهرج صديقك أنت يا أميرة إشبيلية، بل يا ملكة الأندلس ، بل يا شريكة الشمس في عرش الوجود؟!
الأميرة :
أعرفت الآن مكانك؟
مقلاص :
عرفته يا سيدتي وإني به لمزهو فخور.
الأميرة :
صفحة غير معروفة
إذن فاعلم أن هذا الحاجب جوهر قد يأذن على الملك لرجال يكره لقاءهم ويغمه رؤيتهم وسماعهم.
مقلاص :
أما أنا يا سيدتي فما وقفت على باب الملك مرة إلا حجبت عنه الفكر والغم.
الأميرة :
وهذا الساقي يا مقلاص.
مقلاص :
هذا الساقي يا مولاتي يقبض كل يوم من دماغ الملك شعاعا، ولولا أن دماغه الشريف كالشمس التي لا تنفد أشعتها لكان اليوم جمجمة لا عقل فيها كأكثر هذه الرءوس التي نراها في الطرقات.
الأميرة :
وأما أنت يا مقلاص فتسقي الملك كل ساعة من رحيق مزحك ودعابتك ما يملؤه غبطة وعافية وسرورا.
جوهر (مقاطعا - متداخلا) :
صفحة غير معروفة
لقد استأثرت يا نديم الملك ويا صديق الأميرة.
مقلاص (مغضبا) :
بالرغم من أنفك!
جوهر :
لقد استأثرت يا مقلاص بحديث الأميرة فتنح ساعة واترك لنا فضلة من الشهد.
جوهر (للأميرة) :
مولاتي، سيدتي، بثينة، أية وحشة خلفت في القصر يا مولاتي.
الأميرة :
أوأبدا تبالغ؟
جوهر :
صفحة غير معروفة
كلا يا مولاتي، هي كلمة طافت بالقصر منذ افتقدناك هذا الدهر الطويل.
الأميرة :
أتعد الثلاثة الأيام دهرا يا جوهر؟ ألم أقل لك إنك تبالغ كثيرا، لم لم تسألني يا جوهر أين كنت؟
جوهر :
أعلم أنك كنت في قرطبة يا مولاتي.
الأميرة (وتبتسم ابتسامة سخر) :
أجل كنت في ملكنا الجديد يا جوهر.
جوهر :
وكيف وجدته؟
الأميرة :
صفحة غير معروفة
العنوان قبة، والكتاب حبة.
جوهر :
أرجو ألا يكون غرام الأميرة بإشبيلية وطنها الغالي ومهدها الغالي، قد أنساها ذكر الفضل لقرطبة دارة الملك الأولى ومهد الفتح والعمران و ...
الأميرة :
أجل، وسماء الرعود والعواصف، ووكر الفتن والقلاقل. آه من قرطبة وفجاءاتها يا جوهر، وويلي على أخي الظافر من هذه الولاية الحمراء التي لم يقلدها أمير إلا قتل أو عزل؛ عرش يضطرب تحت كل جالس، وتاج لا يستقر على رأس كل لابس.
مقلاص :
مولاتي!
الأميرة :
مقلاص، إشبيلية وأبي وأنت، كانت ذكراكم ملء خاطري في قرطبة، هل من دعابة جديدة يا مقلاص تنسيني ما لقيت من الغم والكدر على تلك العاصمة الثانية لملكنا السعيد؟
مقلاص :
صفحة غير معروفة
لا تقولي هذا يا مولاتي فيغضب القرطبيون؛ إنهم لا يقدمون على مدينتهم حاضرة من حواضر الدنيا ولو كانت دمشق أو بغداد، فكيف يرضون أن تكون الثانية لإشبيلية، وما مدينتنا في زعمهم إلا بلد الخلاعة والمجون.
الأميرة (ضاحكة) :
وأين قرطبة منا الآن، وأين القرطبيون يا مقلاص، وبيننا وبينهم سفر شاق طويل؟ ترى من علمك كل هذا الحرص، ومن أين لك كل هذا الدهاء؟
مقلاص :
هي الأيام يا أميرتي، هي الأيام. وهذا السيف ماذا كنت تصنعين به يا مولاتي؟
الأميرة :
كنت أتقي به عوادي الفجاءات.
مقلاص :
وهذا اللثام؟
الأميرة :
صفحة غير معروفة
كنت أذود به عني العيون والظنون في بلد ضيق الصدر مبلد العقل، شتان بينه وبين إشبيلية ذات العقل الواسع والصدر الرحيب.
الأميرة (لجوهر) :
لقد نسيت يا جوهر ذكر واجب كان علي أن أقدمه قبل كل شيء.
جوهر :
وما ذاك يا سيدتي؟
الأميرة :
السؤال عن الملك.
جوهر :
هو يا مولاتي بخير، أبدا يسأل عنك.
الأميرة :
صفحة غير معروفة
وأين هو الآن؟
جوهر :
هو في الصلاة يا سيدتي.
الأميرة (تطرق في تأثر ثم تقول) :
يا ويح أبي! لقد نظرت إليه وهو في قصر السوسان الضيق الصغير بقرطبة، فوجدته كئيبا متململا كأن تلك السقوف المنخفضة لم تكن تليق برأسه العالي، وكأن تلك الحجرات الضيقة لم تصنع لعينه السامية الطماحة، وكأنما كان يرى الزهراء أولى بأن تقله، وأجدر بأن تظله. وهناك دنوت حتى صرت خلفه بحيث أسمعه ولا يراني، فسمعته يقول وكان وحده في الحجرة مطلا من نافذة يلقي نظره على قرطبة.
جوهر (باهتمام) :
وماذا كان يقول يا مولاتي؟
الأميرة :
كان يقول: قرطبة ... ملك جديد أضيف إلى ملك إشبيلية، ما أصغر المضاف والمضاف إليه. انظر ابن عباد إلى العرش كيف صغر، وإلى الصولجان كيف قصر، وإلى الملك كيف اختصر، وتأمل مكان الحكم في قرطبة كيف سد اليوم بالمعتمد، ومجلس الناصر كيف شغل بابن عباد.
جوهر :
صفحة غير معروفة
نحن بانتظار القاضي ابن أدهم يا مولاتي.
مقلاص (متداخلا) :
لعله هذه الكرنبة التي تتدحرج من بعيد منحدرة إلينا.
الأميرة (مستضحكة لجوهر) :
استقبل أنت يا جوهر القاضي وأدخله على أبي، فإن قضاة الأندلس لا يستأذن لهم على ملوكه. (ثم لمقلاص)
وأنت يا مقلاص، أعرفت أني وجدته؟
مقلاص :
وما ذاك يا مولاتي ومن هو؟
الأميرة :
أنسيت يا مقلاص حين تقول لأبي بمسمع مني، إن الزوج الكفء لبثينة لم يخلق بعد لا في الأندلس ولا في غيره.
صفحة غير معروفة
مقلاص :
لا لم أنس يا مولاتي. قلت هذا ولا أزال أعيده.
الأميرة :
إذن فاعلم أن الزوج الذي يصلح لي قد خلق.
مقلاص :
ومن ذاك؟ ما اسمه وأين هو الآن؟
الأميرة :
كل هذا تعلمه بعد حين يا مقلاص، تعال معي الآن، اتبعني ودع جوهر ولؤلؤ يستقبلان القاضي الجليل.
الأميرة (إلى جوهر) :
في حفظ الله يا جوهر. (إلى لؤلؤ)
صفحة غير معروفة
في حفظه يا لؤلؤ.
جوهر (ولؤلؤ معا) :
في ذمة الله وكلاءته يا مولاتي.
الأميرة :
لا تنسيا أن تذكراني عند الملك، وأني رهن إشارته. (تخرج الأميرة مع مقلاص)
جوهر :
أشكر الله أن أخر مجيء القاضي.
لؤلؤ :
كذلك كنت أحدث نفسي، وأخشى على مولاتي في زيها هذا من عين الشيخ ولسانه. (يظهر الملك)
الملك :
صفحة غير معروفة
هل جاء القاضي ابن أدهم يا جوهر؟
جوهر :
أجل يا مولاي رأيته في ساحة القصر.
لؤلؤ :
وقد عادت الأميرة من قرطبة يا مولاي.
الملك :
أوعادت الآن؟
لؤلؤ :
أجل يا مولاي.
الملك :
صفحة غير معروفة