مخارق :
ما أصبت والله أبا محمد ... وأي بأس في أن يتولى إبراهيم الخلافة ... أليس هو ابن الخليفة المهدي، وأخا الخليفة هارون الرشيد وعم الخليفة المأمون؟ ثم أليس هو من تعرف علما وأدبا ونبلا وفضلا وملكا للغناء والموسيقى؟
إسحاق :
سبحان الله! تقول أي بأس أن يتولى مغن الخلافة؟ إني لا أرضى لنفسي أن أوصف بالغناء، ووددت أن أضرب كلما أراد مريد مني أن أغني، أو كلما قال قائل: «إسحق الموصلي المغني.» وتمنيت بدل هذا أن أقرع عشر مقارع لا أطيق غيرها، ولو أطقت أكثر منها لفضلتها على هذا الوصف ... فكيف أرضى أن يكون الخليفة مغنيا ...؟
مخارق (في دهشة) :
كيف هذا يا إسحق، أتضع من شأن الغناء؟ والله ما بلغت ما بلغته إلا به، ولا احترمك الناس إلا لأجله، ولا قدمك الخلفاء إلا بما صححت أجناسه وميزت طرائقه وما كان لك فيه من ألحان شتى، فكيف تحط من قدره الآن وقدر أهله؟!
إسحق :
لقد أفسد إبراهيم بن المهدي الغناء، فكيف أنسب نفسي إليه بعد ... ولو أنه تولى الخلافة لأفسدها.
مخارق :
ويحك ثم ويحك أبا محمد ... كيف ذلك؟! والله لقد سمعت أباك إبراهيم الموصلي يقول: «لو طلب إبراهيم بن المهدي بالغناء ما نطلب، لما أكلنا خبزا أبدا.» ثم لقد شهدت أنت له بالفضل، فقلت: «ما ولد العباس بن عبد المطلب بعد عبد الله بن العباس رجلا أفضل من إبراهيم بن المهدي.» ثم أنت تعيبه وتقول فيه ما تقول الآن؟!
صفحة غير معروفة