قالت: «يسمونه بهزاد الجند يسابوري.»
فتذكرت زينب طبيبهم الخراساني، لأنها تظنه يقيم بالمدائن، فقالت: «لعل طبيبنا يعرفه؛ لأنه يتردد على المدائن، فإذا أتى الليلة سألناه عنه.»
فقالت: «ما أظن أحدا يعرفه، ومهما يكن من أمره فإنه جدير بكل ثناء، فعسى الله أن يقدرنا على مكافأته. ولكن الأقدار لا تصفو لأحد، أو لعلها عملت على مطاردتنا منذ أفل نجمنا، فهي لا تدعنا نتنسم الراحة حتى تخلق لنا بلاء جديدا.»
فقالت دنانير: «وكيف ذلك؟»
قالت: «ما كدنا نظن الناس نسونا وأغفلوا أمرنا حتى رأيناهم عادوا إلى النكاية بنا.»
قالت دنانير: «ومن هؤلاء الذين أرادوا النكاية بكم؟» •••
فالتفتت عبادة إلى حفيدتها ثم حولت وجهها عنها، فاحمر وجه الفتاة. وأدركت دنانير أن الحديث يتعلق بها، وظنت أن أم جعفر تتحاشى التصريح بذلك أمامها، فأحبت أن تشغل الفتاة بشيء يصرف انتباهها عن الحديث فقالت لها: «أظننا أبطأنا عليكما بالعشاء، فهل تأمر مولاتي بأن تتناول الطعام؟»
ففهمت عبادة غرضها من هذه الدعوة فقالت: «إني لا أشعر بالجوع الآن، ولكن أظن أن ميمونة في حاجة إلى الطعام الآن.»
فلم يفت الفتاة الغرض من ذلك وسكتت، فنهضت دنانير وهي تقول لمولاتها أم حبيبة: «هلمي يا مولاتي إلى المائدة مع هذه الضيفة الكريمة.» فأطاعتها كعادتها وخرجت الفتاتان للطعام وقد استأنست ميمونة ببنت المأمون وأحبتها لجمالها وذكائها. وكفى بالإحسان باعثا على المحبة، فقد قيل: «أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم.»
أما دنانير فرافقت الفتاتين إلى حيث أمرت الخدم بإعداد الطعام وعادت إلى عبادة وقد اشتد شوقها لسماع الحديث.
صفحة غير معروفة