أما عن الخلق المستقل لكل نوع من الأحياء في ستة أيام وراحة الخالق في اليوم السابع، فتفاصيل مذكورة فقط في سفر التكوين من التوراة، ولم يرد لها ذكر في القرآن. لذا يخلص الخولي إلى أن النزاع المفتعل بين الإسلام ونظرية التطور لا يأتي إلا من دجل الإسرائيليات المدخولة.
هكذا ينصرف الخولي عن الخوض في مسائل خلافية لا تجدي فتيلا، ليستقطر - ببراعة - إمكانيات نظرية التطور التي تجعل من غير الممكن ولا المجدي إغفالها في أية ثقافة معاصرة، فضلا عن أن تكون تحديثية تجديدية. (9) التطور في اللغة أيضا ... وقبلا
وما دام التطور متجذرا في فكر الخولي وتجديده، كان من الطبيعي أن يتوغل في تناوله التجديدي لقضايا اللغة العربية ونحوها وبلاغتها،
51
والتي لا تنفصل طبعا عن تجديد الفكر الإسلامي. وهما دائما قطبان متعامدان، اللغة وسيلة إثبات وجودنا، والدين وسيلة تقويم هذا الوجود واتخاذ هدف له. كما أن تجديد الفقه مقدمة لتجديد النحو؛ لأن أصول النحو قائمة على الفقه عند القدماء.
52
أما البلاغة فهي فن القول وجماله، وعلم التفريق بين الجيد والرديء منه، ودراسة البلاغة لإعجاز القرآن دراسة للون خاص معياري من القول الجيد.
على أية حال، كان الدرس اللغوي هم الخولي الأساسي، والحلبة الأولى لنضاله من أجل الاجتهاد والتجديد وتأثيم التقليد، مستندا على أصل عريق هو إجماع النحاة القدامى على ذم التقليد. وحتى في عصور الانحطاط أغلق الفقهاء باب الاجتهاد، ولم يفعل النحاة مثلهم
53
ورأوا الاجتهاد قائما في كل آن ومكان، وإلا عجزنا عن ضبط وتفهم ما نقوله.
صفحة غير معروفة