الكوفيون لغة ضعيفة، فلا تقوى لمعارضة ما ذكره البصريون من القياس واستعمال الفصحاء ". فهو قد ضعف المذهب الكوفي في هذه المسألة وهذا دليل واضح لميله إلى المذهب البصري.
وهناك دليل آخر لميله للمذهب البصري أن كثيرا من مصطلحاته مصطلحات بصرية. كاستعمال النعت بذلا من الصفة، وفعل ما لم يسم فاعله بدلا من الفعل المبني للمجهول.
ومع هذا فإننا نجد ابن الحاجب يخالف البصريين إذا لم يقتنع برأيهم ويستخدم في مناقشته لهم الأدله العقلية المنطقية، غير متأثر بشهرة عالم أو منزلته. فهو بذلك يسير على المنهج العلمي الصحيح. فسيبويه مع علو منزلته لم يسلم من مخالفة ابن الحاجب لآرائه. فقد خالفه في الضمير الواقع بعد لولا وعسى حيث إن سيبويه قال: الضمير بعد لولا في محل جر، والضمير بعد عسى في محل نصب. وقال الأخفش: الضمير في البابين في محل رفع. وقال ابن الحجب: فثبت لذلك أن مذهب الأخفش في ذلك أظهر (١). وأحيانا نراه يسوي بين البصريين والكوفيين من غير ترجيح كما فعل في الإملاء (٨٥) من الأمالي القرآنية على قوله تعالى: (لا جرم أن لهم النار) (٢) فإنه ذكر قول البصريين في (لا جرم) وذكر قول الكوفيين، ولم يرجح أحدهما. وربما أجاز مسألة على مذهب الكوفيين دون أن يكون فيها مخالفة للبصريين، كما فعل في الإملاء (٣٧) من الأمالي القرآنية على قوله تعالى: (لابثين فيها أحقابا) (٣) قال: ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر لكان على مذهب الكوفيين.
_________
(١) الإملاء (٦) من الامالي على مسائل الخلاف.
(٢) النحل: ٦٢.
(٣) النبأ: ٢٣.
1 / 22