أجري الكثير من الاختبارات حول تفضيلات الألوان (الألوان من أجل الألوان) على مدار سنوات؛ فعلى سبيل المثال، نجد أن حديثي الولادة، الذين يتأثرون لا شك بالجاذبية البصرية أكثر من المتعة العاطفية، يطيلون النظر إلى الألوان المضيئة مثل الأصفر والأبيض والوردي والأحمر أكثر من غيرها من الألوان. وبالنسبة للأطفال، يبدأ حبهم للون الأصفر في التراجع، ويستمر هذا التراجع مع مرور السنوات. وبعد ذلك يفضلون اللون الأحمر والأزرق، وهما لونان مفضلان عالميا، ويظلون معجبين بهذين اللونين طوال الحياة. ومع البلوغ، يزيد حبهم للألوان ذات الطول الموجي الأقصر (الأزرق، والأخضر) مقارنة بالألوان ذات الطول الموجي الأطول (الأحمر، والبرتقالي، والأصفر). وأصبح الترتيب الآن هو: أزرق، أحمر، أخضر، بنفسجي، برتقالي، أصفر. وهكذا يظل هذا هو الترتيب الأبدي والعالمي.
إن نزعة تفضيل الألوان تلك موجودة تقريبا في كل البشر من الجنسين، وفي كل الأشخاص باختلاف جنسياتهم وعقائدهم. وهذا أمر مؤكد من جميع الجهات. وقد وجد تي آر جارث أن ترتيب الألوان المفضلة لدى الهنود الحمر هو: الأحمر، الأزرق، البنفسجي، الأخضر، البرتقالي، الأصفر. وكان ترتيب الألوان المفضلة لدى شعب الفلبين هو الأحمر، الأخضر، الأزرق، البنفسجي، البرتقالي، الأصفر. وبين الزنوج كان الترتيب هو: الأزرق، الأحمر، الأخضر، البنفسجي، البرتقالي، الأصفر؛ وهو الترتيب نفسه بالنسبة لكل الأشخاص الآخرين تقريبا. وحتى بين الأشخاص غير العاقلين الذين خضعوا للاختبارات، وجد إس إي كاتس الترتيب نفسه تقريبا؛ الذي تمثل في: الأزرق، الأخضر، الأحمر، البنفسجي، الأصفر، البرتقالي. وكان الأخضر هو اللون المفضل للسجناء الذكور، وكان الأحمر اللون المفضل للسجينات الإناث. وبدا أن الألوان الدافئة تلقى استحسانا لدى مرضى الأمراض العضوية، وأن الألوان الباردة تلقى استحسانا لدى المرضى المصابين بالهيستيريا إلى حد كبير.
وتلخيصا للصورة كاملة، جمع إتش جيه آيزينك مجموعة من الأبحاث تضم حوالي 21 ألفا وستين حكما فرديا. احتل الأزرق المرتبة الأولى، وتلاه الأحمر، ثم الأخضر، والبنفسجي، والبرتقالي، والأصفر. وفي تلخيص مشابه للاختلافات بين الجنسين، كان الترتيب كما هو باستثناء أنه في حين وضع الرجال البرتقالي في المرتبة الخامسة، والأصفر في المرتبة السادسة، وضعت النساء الأصفر في المرتبة الخامسة، والبرتقالي في المرتبة السادسة. (12) مجموعات الألوان
كثير من الأبحاث خصص أيضا لمجموعات الألوان. وأثناء العمل مع الأطفال وجد إم إيمادا أن تفضيلات الألوان لدى الأطفال لم تكن عشوائية، على الرغم من أن ملكة التمييز الجيد لم تتطور لديهم إلى حد كبير؛ فعند إعطاء الصغار أقلام التلوين السوداء، مالوا إلى رسم الجمادات، مثل السيارات والمباني، وعند إعطاء الأطفال أنفسهم أقلام تلوين ملونة، ألهم ذلك خيالهم فرسموا أشخاصا وحيوانات ونباتات، وكان الأحمر مع الأصفر والأحمر مع الأزرق مجموعات ألوان مفضلة عند الأطفال. وفي تجارب مشابهة، وجدت آن فان نيس جيل أن الأصفر يشيع استخدامه مع البنفسجي المحمر أو الأزرق، وأن الأطفال يحبون أيضا الجمع بين الأزرق والأخضر. إن التباين، بطبيعة الحال، يبدو أكثر إثارة من التشابه أو الاختلاف الطفيف.
وباستخدام أضواء ملونة ساقطة على حائل، وجد ويليام إي والتون وبيلا إم موريسون أن مجموعة الأحمر والأزرق حققت أعلى المراتب بين البالغين، وتلاها الأزرق مع الأخضر، والأحمر مع الأخضر، والشفاف والأزرق، والكهرماني والأزرق، والكهرماني والأخضر، والأحمر والكهرماني، والشفاف والكهرماني. يوجد المزيد من المعلومات عن الألوان المفضلة للأطفال والكبار ومعناها فيما يتعلق بالشخصية في الفصل التاسع. (13) جيه بي جيلفورد
أجرى جيه بي جيلفورد عددا من الاستقصاءات التقنية حول تناغم مجموعات الألوان، ورأى أن المسألة تنطوي على أمور أخرى أكثر من مجرد المتعة العاطفية، فقال: «أعتقد أنه أكثر من مجرد تعبير مجازي قولنا إن النسيج الحي، لا سيما نسيج الدماغ، تولد الألوان والمتعة أو الانزعاج مثلما تولد مجموعات المواد الأخرى ظواهر مثل الحرارة أو المغناطيسية أو الكهربية.»
وفيما يتعلق بمجموعات الألوان المتناسقة كتب: «توجد بعض الأدلة على أن الاختلافات القليلة للغاية أو الكبيرة للغاية في الألوان تعطي نتائج مرضية على نحو أكبر مما تعطيه الاختلافات المتوسطة. وتعد هذه النزعة أقوى في النساء منها لدى الرجال.» ومن ثم فمن المحتمل أن يرى الشخص تناغما إما في الألوان القريبة الشبه أو في الألوان المعاكسة والمتناقضة، وليس في علاقات أخرى. وإذا تخيلنا دائرة الألوان، فسنجد أن الأصفر، على سبيل المثال، سيبدو متناغما مع البرتقالي المصفر والأخضر المصفر، وسنجد الأزرق متناغما مع البنفسجي المزرق أو البنفسجي. ولن يكون مستحسنا جدا على وجه الخصوص في مجموعة تضمه مع البرتقالي أو الأخضر، أو حتى الأحمر. وبالمثل حدد جيلفورد من خلال الأبحاث أنه إذا كان الاختيار بين الدرجات الرمادية والألوان الصافية، فإن الأنماط الصافية ستكون هي المفضلة، وإذا كان الاختيار بين الدرجات القاتمة والدرجات الفاتحة، فإن الدرجات الفاتحة ستكون المفضلة.
وتوجد علاقات تربط بين الألوان والموسيقى والطعام والروائح والأشكال والأنماط والصفات الملموسة مثل الدفء والبرودة والحالات المزاجية. وتجدون المزيد من المعلومات في كتابي «سيكولوجية الألوان والعلاج بالألوان»، وتوجد معلومات أخرى أيضا في فصول أخرى من هذا الكتاب.
الفصل السادس
الاستجابة النفسية
صفحة غير معروفة