وتلفت حولي أبحث عن ثوب أشتمل به ريثما تجف جدائلي، ونحن اليوم لا نقنع إلا بالطريف، ولا يرضينا في كل يوم سوى الجديد القشيب، فتناولت الثوب المهفهف الشفاف الوردي اللون الذي اصطنعته.
حقا لقد أصابت صديقتي فيما رأت! فقد تراءيت بذلك الثوب باهرة ساحرة الرواء، ورحت أمسك في يدي بمروحة يابانية مذهبة الحواشي، وكان شعري قد جف وراع ... ودق الجرس ...
وذهبت ففتحت الباب وبدوت حيال الغلام ، وأخذ مشهدي عينه، فتراجع مبهوتا كأنما قد رأى شبح حورية من بنات السماء.
قلت: أأنت ... طالب التجارة ...؟
قال: أرجو أن لا أكون قد أزعجتك بمقدمي.
وخيل إلي أنه قد راح بي المأخوذ المبهوت. وظننت دهشته تلك بعض حياء الشباب، ولكن رعشة شفتيه، دلتني على أن ما به قد تجاوز حدود الدهشة والاضطراب، فأخذته إلى حجرة زوجي ورتبت له المنضدة كما يشاء.
وراح يقول: إن ذلك منك لجميل، وهو منك طيب وكريم. وكان الغلام فتان الطلعة، غريب الملامح، في الربيع الثامن عشر، ناحل البدن أزرق العينين مثال الحياء، تطل من عينيه نظرات حييات، وفورات شعرية ما أحسبني رأيت منها يوما في عيون الشباب!
وكانت عيناه الزرقاوان لا تطرقان النظر إلى وجهي.
قلت: أيروقك المكان؟
قال: أحسبه كذلك ...
صفحة غير معروفة