بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر عدة متجددات في بقية سنة تسعين وستمائة
من ذلك
ما اعتمده مولانا السلطان خلد الله سلطانه من تعظيم الخلافة الشريفة العباسية وإظهار امرها * وتجديد التنويه بذكرها * والاجتماع بمولانا الخليفة الحاكم بأمر الله أمير المومنين * ابي العباس أحمد صلوات الله علية وعلى أبائه الطاهرين * وخطبته في يوم الجمعة لم يزل منذ فوض الله الى مولانا السلطان امر الأمة * وجعلة على الخلائق رحمة * يكثر التفقد ويوالى الاحسان والألطاف الى مولانا الخليفة ويكرم مثواه * ويجل صرأه * ومولانا الخليفة يشكر نعماه * ويحمد الله على ما أتاه * من البسطة وحباه * وفوض الى مولانا السلطا كلما هو مفوض لمنصب الخلافة * من انافه * وكلما جعله الله لمن نصب لهذا الأمر من بنى العباس
صفحة ٣
رضي الله عنهم من قديم الزمان * وإلى الآن * في كل شىء من الأشياء من كثير وقليل * ودقيق وجليل* وكلما يطلف عليه لفظ أمر او نهي او طاعه * او استطاعه * او حكم ديني او دنيوي وكل تنفيذ وتحكيم * وكل متعلق بمنصب الخلافة من أمر جسيم * حتى لا بفرق بين الحكمين ولا الحكمين * ولا يختنلف غير الاسمين * وحتى يصير التعبد بذلك واحدا * والحكم في البلاد والعباد من جهة الشرع الشريف والنبوة المحمدية لا يلفى معاندا * وأن تمضى بذلك السيوف وتجرى الاقلام * ويستقر على ذلك قواعد الحلال والحرام * ونتفذ الأحكام * وتنضبط أمور الاسلام * ويبقى لمولانا الخليفة ما هو منوط به من توجه الى ربه * وإقبال على الدعاء لمن يؤذن الاسلام بحربه * والابننهال لسلطان الاسلام الذي كفى هذا المنصب الشريف امور الدنيا والدين * وتكفل لبيت العباس عم رسول الله صلعم بأخذ ثأره من التتار 4 المخذولين * وقبل مولانا السلطا خلد الله سلطانه هذه التفويضات الشريفة * فأصبح بهذا الاسناد وهذ التعويل هو سلطانا وهو خليفه * ولما توجه مولانا السلطان خلد الله سلطانه للغزاة وأعطاه الله من النصر والفتوحات
صفحة ٤
التي ملأت قلوب الأعداء رعبا * وهون الله عليه منها كلما كان على غيره في قديم الزمان صعبا * كتب مولانا السلطان الى مولانا الخليفة يهنيه بما سهله الله من ذلك الفتوح * والنصر الممنوح * ويفهمه أن ذلك ببكة دعائه المقبول * وأنه له فخر هذا الظفر الذى ذكره اليه يؤول * وكتب مولانا الخليفة لمولانا السلطان جواب ذلك بالاعتراف والاعننداد * والحمد والثناء والشكر لله ولمولانا السلطار على ان شفى الأكباد * وأزال تقلب الكفار في البلاد * وقيض الله الاسلام به من يجاهد في الله حق الجهاد * وكثر فى ذلك وجميع ذلك بخط مولانا الخليفة الشريف لما حضر مولانا السلطان خلد الله ملكه مؤيد ا منصورا * وأمسى فضل الله بهذه الفتوحات كنيرا * أعاد تفقد مولانا الخليفة واستعراض مهامه وسوانحه * وثابر على قبول مراشده وسماع نصائحه * ولما كان الوقت الذى قد ر الله اجتمع سلطان الأرض بخليفة الزمان * وهو أسعد قران * فاضت الأنوار في ليلة لم يحتج فيها الى انوار القمر * وحصل الالتقآء الذي استغني العيان فيه عن الخبر* وقال السعد هذا السحاب المنهمر * وهذا الروض النضر * هذا اسكندر الزمان وهذا الخضر * وأجمل مولانا السلطان خلد الله سلطانه في تلقى
صفحة ٥
جلاله بما هو به حقبق * وأحسن مولانا الخليفة شكر مولانا السلطان خلد الله ملكه على ما شاهده منه من توفيق *
ذكر خطبة مولانا الخليفة في يوم الجمعة
ولما كان يوم الجمعة حادي وعشرين شوال اقتضى رأي مولانا السلطان خلد الله سلطانه التنويه بالخلافة العباسية كما يجب * والتنويل لها بكل ما تحب * وان بنساوي في الاستبشا ر بها كل سامع وناظر* وتعود الى عاداتها اعواد المنابر * وتقدم مولانا السلطان خلد الله ملكه الى مولانا الخليفة بالتأهب لذلك وجهرت له البدلة الشريفة التى ينافس النهار الليل في حسن لونها * ويود سواد العيون وسويداء القلوب لو تشاركا في كونها * وكذلك السيوف الشريف الذى يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار * وكأنما هو في الارتضآء آخ لذى الفقار * لما عجز الذهب الخالص عن مقاومة حديده في مضآء حده * زاحم حتى صار إهابا لغمده * وكثر وكاثر حتى بلغ لألف وما بلغ غاية قصده * الى غير ذلك ص ملابس بجلالته تليق * ومال للتوسعة لنفع لا من ضيق * ولما كان يوم الجمعة الرابع والعشرون من شوال هيئ منبر جامع القلعة المحروسة بكلما يجب من فرش مرفوعة ونمارق مصفوفة
صفحة ٦
وزرابى مبثوثة وحضر الأمرآء المقدمون الأكابر وحضر القضاة وأرباب المناصب بحضور الصاحب الوزير شمس الدين وأجتمع لمؤذنون بالشعار الشريف العباسى وحضر القرآء قبل الأذان وحضر مولانا السلطان خلد الله ملكه فقرأ القراء بين يديه ودعى له بما الله تعالى سامعه ومستجيبه وسير مولانا السلطان شرف الله قدره جماعة من الأمرأء للمحضور في خدمة مولانا الخليفة وصبتهم * بغلة النوبة الخاصة فركب من مكانه وخرج عن باب الساعات راكبا الى باب الجامع فنزل ودخل الجامع متجللا بالوقار والسكينة فما بقى من الأمراء الأكابر من لا تلقاه بالخدمة وتقبيل يده الشريفة والتبرك بمصافحته حسبما رسم به لهم ولما وصل الى حيث مولانا السلطان خلد الله ملكه من مقصورته فتح الباب الذى من الجامع اليها فدخل منه فعظم مولانا السلطان خلد الله سلطانه مقامه وضاعف إكرامه وفعل في حقه كل نوع من انواع الاحتفال والاجلال والقيام والقعود وفى اعتلاء مكان الركوع والسجود وكان حضوره قبل استحقاق الأذان بنصف ساعة وبقي مولانا السلطان خلد الله سلطانه يبسطه ويزيل حياءه فلما آن وقت الأذان وتعين أداء واجبة ركع مولانا السلطان ومولانا الخليفة وخرج الخليفة ونائب
صفحة ٧
السلطنة الأمير بدر الدين بيدرا معه حتى صعد ذروة المنبر ولما فرغ من الأذان الثاني قام وخطب فقال الحمد لله الذي أقام لآل العباس ملكا طهيبرا * وجعل لهم من لدنه سلطانا نصيرا * احمده على السرآء والضرآء * واستعينه على شكر ما أسبغ من النعماء * واسنننصره على دفع الأعدآء * واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه نجوم الاهتداء * وائمة الاقتدآء * الاربعة الخلفاء * وعلى العباس عمه ابى السادة الخلفآء الراشدين * والأئمة المهدييمن * وعلى بقية الصحابة والتابعين * بإحسان لهم الى يوم الدين * أيها الناس اعلموا ان الإمامة فرض من فروض الاسلام * والجهاد حتم على جميبع الأنام * ولا يقوم علم الجهاد* إلا باجتماع كلمة العباد * ولا سبيت الحرم فيما مضى إلا بانتهاك المحارم * ولا سفكت الدماء إلا بارتكاب المآثم * فلو كنتم شاهدتم أعدآء الله وأعدآء الاسلام * حين دخلوا بغداد دار السلم * وكيف استباحوا الدماء والأموال * وكيف قتلوا الرجال والأطفال * وكيف هتكوا حرم الخلافة والحريم * وكيف أناقوا من استبقوا العذاب الأليم * وكيف ارتفعت الأصوات بالبكآء والعويل * وعلت الضجات من هول ذلك
صفحة ٨
اليوم الطويل * فكم شيخ حصبت شيبنه بالدمآء * وكم طفل بكى فلم يرحم منه عظيم ذلك البكآء * فشمروا عن ساق لجد والاجتهاد * في إحياء فرض الجهاد * فاتقوا الله ما استطعتم وأسمعوا وأطيعوا وأذفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون فلم تبق معذرة في 5 القعود عن اعدآء الدين * والمحاماة عن حوزة المسلمين * وهذا السلطان الملك الأشرف العادل المؤيد المجاهد صلاح الدنيا والدين نصره الله قد قام بنصر الامامة عند قلة الأنصار * وشرد جيوش الكفار* بعد أن جاسوا خلال الديار * وأفتلع منهم القلاع والأمصار* وغسل بسيوفه ما كان على الاسلام من عار * فأصبحت الخلافة بنصره عالية المنار * فبادروا عباد الله الى جهاد اعدآء الله بين يديه * وعليكم بنصره فإن الله أنزل آيات النصر عليه * وأخلصوا نياتكم في طاعته تنصروا * وقاتلوا أوليآء الشيطان تظفروا * جمع الله على طاعة هذا السلطان أمركم * وأعز بالايمام نصركم * وأستغفر الله العظيم لى ولكم ولسائر المسلمين فأستنغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا يقوم بشكر نعمائه * وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له عدة للقائه * واشهد آن محمدا
صفحة ٩
سيد رسله وخاتم انبيائه * صلى الله عليه وعلى آله وصحبه عدد ما خلق في أرضه وسمائه * أوصيكم عباد الله وإياى بتقوى الله وطاعته * وأنهاكم وإياى عن مخالفته * وأصلى على نبيه محمد المبعوث برسالته * وأرضي عن خلفآئه الأربعة وعن آله وعترته وصحابته * وعن جدي العباس عم نبيك وعن بنيه وأبنهل الى الله في توفيقى لما يجب * وقيامى من طاعته بما يحب * وأسأل الله لسلطان الإسلام السلطان الملك الأشرف صلاح ألدنيا والدين الذي عضد الله به الخلافه * وجعلها عظيمة الإنافه * أن ينصره نصرا عزيزا * وأن يفتح له فنحا وجيزا * ورضى الله عن والده السلطان الملك المنصور رضوانا تاما * وأسأله له غفرانا عاما * اللهم وأنصر عساكر المسلمين في برك وبحرك * وأيدهم بنصرك * وألهمهم القيام بأمر هذا السلطان وأمرك * إن أحسن ما وعظ به الانسان * كلام الرحمن * يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا نفعنا الله وإياكم وأجزل لنا ولكم من ثوابه إن الله ببأمر بالعدل والإحسان وإيتآء ذى القربى وينهى عن الفحشآء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون
صفحة ١٠
ونزل فرسم مولانا السلطان خلد الله سلطانه لقاضى القضاة بدر الدب الشافعي بالصلاة فصلى بالناس الجمعة اذ امامة مولانا الخليفة ليست في الامامة في صلاة الجمعة حصوره * ولا على ذلك مقصوره * وقصد مولانا السلطان خلد الله ملكه التبرك بمجاورته في مصلاه * وأن يكون قسيمه حتى في سجود الجباه * وقام مولانا السلطان خلد الله سلطانه ومولانا الخليفة فعاد الخليفة الى ركوبه من باب الجامع ودخوله من باب الساعات وعوده الى مكان استقراره * وفي خدمته جماعة من أولياء السلطان وأنصاره * وكان مولانا الخليفة هذا قد خطب في الأيام الظاهرية وذلك في يوم الجمعة حادى عشر المحرم سنة ستين وستمائة فكان بين الخطبتين ثلثون سنة ولما نزل مولانا السلطان خلد الله ملكه الى تمام سنة والده في تربته بالقاهرة على ما سيذكر كان هو ومولاذا الخليفة جميعا * وعظم من قدره نزولا طلوعا * وقعودا وقياما * وتفخيما وإعظاما * وشاهد الناس منه للمتقين إماما * وقرأ القرأء بين يديهما لقد رضى الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة وأنشد الشعراء من لوعاظ المراثى والمدائح * وشرفوا بالخلع وخصوا بالمنائح * وعاد الخليفة هو ومولانا السلطان الى القلعة المحروسة ودخل مولانا الخليفة من باب القلعة الكبير راكبا كما خرج *
صفحة ١١
وما بقى من لا اسنشر بإكرام مولانا السلطان خلد الله ملكه لمولانا الخليفة وابتهج *
ولما كان في الجمعة الثانية خطب مولانا الخليفة وحضر على ما تقدم شرحه فلما أذن للجمعة وأتى بألسنة طلع المنبر واتى بالأذان الثانى قام وقال الحمد لله الذى جعل لنا من لدنه سلطانا نصيرا * وكان فضل الله به على الإمامة والأمة كبيرا * نحمده ونشكره ولم يزل محمودا مشكورا * وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة أحسنت للعقائد تبصيرا * ونشهد أن محمدا عبده ونبيه الذي أرسله الله بشيرا ونذيرا * وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا * صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تبوى في الدنيا والآخرة نعيما وملكا كبيرا * أيها الناس إن الجهاد قد جعله الله عليكم فرضا واجبا * وحتمه عليكم حقا ليس غيره به لكم مطالبا * فقال وجاهدوا في الله حق جهاده * وبالجهاد وطنكم الله في بلاده * وحكمكم في عباده * وقد رزقكم الله سلطانا لا يدخر عن نصرة الدين نفسا ولا مالا * ولا عساكر لا رجالا * وإذا نفر الى غزاة قال لكم نصره انفروا خفافا وثقالا * تنامون وهو ساهر الأجفان * وله مكايد في الأعدآء تتجاوز أقصي بلاد خراسان * وقد مهد بكتبه البلاد
صفحة ١٢
لهجوم كتائبه * وما بقى إلا المسارعة الى الفتوحات التى قد خبأها الله لجنوده ومواكبة * فأغتنموا فرصة الجهاد تحت علمه المنصور ولدى سعيه الميمون * فأنتم جند الله والله تعالى يفول وإن جندنا لهم الغالبون * عجل الله لكم فتحا قريبا * وظفرا مجببا * وشكر لكم طاعة سلطان الإسلام سرا تاويبا * إن احسن ما دعى اليه الداعي * ووعاه الواعي * كلام من الى طاعته يسعى الساعي * وقرأ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم * والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم *
ثم خطب الخطبة الثانية فقال الحمد لله مسهل أسباب النصر والظفر * ومقرب آماد الفتوحات لخير زمان كان ينتظر * والصلاة على سيدنا محمد خير البشر * صلى الله عليه وعلى آله صلاة متوالية في العشايا والبكر * اعلموا وفقكم الله يا أنجاد الإسلام وحماته * ويا شجعانه وكماته * أن الله قد سهل لكم نصرا عزيزا فأنتهزوا في ايام هذا السلطان فرصه * وأجعلوا بشائره تقص على البلاد قصصه وأخلصوا النيات في الجهاد * وتوافوا الى ميعاد الظفر إن الله لا يخلف الميعاد * أمركم وإياى بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته * وأيه بالمؤمنين من بريته * فقال تشريفا له تعظيما * إن الله وملائكته يصلون على النبي يا
صفحة ١٣
أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما * اللهم صل على سيدنا محمد عدد كل مجاهد في سبيبلك * وصل على سيدنا محمد عدد كل من صدع بأمرك وبرهن بدليلك * اللهم وأرض عن الخلفاء الأربعة ذوى الفخار * أبى بكر وعمر وعثمن وعلي ذي الفقار * وعن السبطين والآل والأزواج الأعمام * وعن جدنا العباس المستسقي بوجهه الغمام * واللهم وأوزعنى شكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي * وأجب دعائي في المحسن الى الاسلام وإلى * السلطان الملك الأشرف السيد الأجل صلاح الدنيا والدين * سيد الملوك والسلاطين * ملك الأرض سلطان البسيطة ابي الفتخ خليل اللهم سخر له تأثيرات الفلك * وأجعله ملكا اينما سلك * وأنزل اللهم عليه نصرا تفتح له ممالك الأرض أبوابها فائلة هيت لك * اللهم وأجعل دار السلم * به دار الاسلام * ومنابر الخلافة * باسمه عظيمة الإنافه * وأنصر اللهم جنده * وأنجز له وعده * وأرض عن والده السلطان الملك المنصور الذي جاهد في الكفار جهاده * إن الله يآمر بالعدل والاحسان وإيتآء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر البغي بعظكم لعلكم تذكرون
صفحة ١٤
وصلى مولانا الخليفة هذه الجمعة إماما وأتم الناس به وقال جلاله محرابى أحرى بي وانقضى هذا اليوم عن تعبد تام وخير عام
ذكر متجددات في جهة الروم وحضور قصاد من أمرائه وكبرائه بالسمع والطاعة
ولما كان شوال من هذه السنة وصلت القصاد من جهة الأمير فخر الدين بن قرمان والأمير سيف الدبين ابن اشرف ومن اولاد الصاحب فخر الدين على وزير الروم ومن أمير الامراء عز الدين بك ومن الامير محمدبك ابن البرواناه ومن الامراء اولاد خواجا يونس ومن الأمير شمس الدين بن الحمين وعن الامير مبارز الدببن اعوربك اب على شبر ومن الأمير فلك الدين بن منتشا ومن الامير مبارز الدين قتعلى قالاون ومن الامير محمدبك صاحب بنوكى ومن الامير مبارز الدين اموربك صاحب كرذيابوك ومن الامراء اولاد الامير نور الدين ابن جاجا ومن الامير بهاء الدين بولاذبك ومن الامير يخشي بك بن قرمان أخى الامير فخر الدين ومن الأمير سهم الدين رضوان ومن الأمير تاج الدين ابرهيم
صفحة ١٥
ومن الامير شاوربك بن كوبك ومن الامير خليل بن بهادر ووصلت المكاتبات منهم بالعجمية ومضمونها الترامى الى الطاعة وعرض نفوسهم على الخدمة الشريفة السلطانية ودخولهم في مراضيها وأتباع مراسمها وبذل الأرواح في كلما يرسم مولانا السلطان به وأنهم تخالفوا جميعهم على ذلك وصاروا كلمة واحدة ويبدا واحدة على أعدآء الله والجهاد في سبيله وأنهم يحضرون الى اين يرسم لهم به من الجهات فأنهم ما لهم ما يعوقهم والبلاد بلاد مولانا السطان وجميعها في قبضته وأمرها وأهلها تحت مراسمه ويسألون مناشير شريفة يتشرفون بها ويتبركون بكراماتا ويسلمون امرهم اليها ويستفتحون البلاد بنصرها ويقبلون الأرض بين يديها فأنهم قد حسبوا من جنود الله الذين في خدمة مولانا السلطان ونسبوا اليها وصاروا منهم وإليهم ولهم ما لهم عليهم من الطاعة والانقياد ما عليهم وأنهم يساهمون العساكر المنصورة في جميع ما بأيديهم وسيروا جماعة بذلك من قصادهم وصحبتهم تقادم من خيول وغير ذلك وحضروا بين يدي مولانا السلطان فأكرمهم وحباهم وأكرم مثواهم وقبل تقادمهم وهداياهم ووعدهم بنجح ما سألوا فيه ووعدهم وعدا سيوفيه * وحصل الشروع في نجاز كلما التمسوه وإنارة ما اقتبسوه
صفحة ١٦
ذكر احتفال مولانا السلطان بتمام سنة السلطان الشهيد رضي الله عنه
ولما كان ليلة الاثنين رابع ذي القعدة رسم مولانا السلطان بالتوسعة في الصدقات والهبات والمبرات ورسم بالاستكثار من كل نوع من وجوه البر على اختلاف ذلك من أسمطة فيها ما تشتهيه5 الأنفس وتلذ الأعين وصنوان وغير صنوان ومن كساو وجملة من الأموال ولما كان الليلة المذكورة اجتمع كل ذي أمر وإمرة وكل ذي منصب ديني ودنيوى وما بقى أحد من القضاة ولا العلماء ولا الأئمة ولا القراء ولا الفقهاء ولا اصحاب الزوايا ولا الصوفية ولا المشايخ ولا الفقراء وتلقاهم الصاحب الوزير شمس الدين بالبشر التام * والاجلال والاكرام * وأجلس كلا منهم في محله اللائق به واسنكثر من الشموع والوقود حتى كاد الليل يصير نهارا * ولهب ذلك يعشي ابصارا * ووقد من العنبر والعود ما كان دخانه يتخيل في الجو سرابا ولو تجسد جرى أنهارا * وفرقت الربعات * وتقسمت لكل فرقة الختمات * وأرتفعت الأصوات بالآيات المحكمات * وتجاوبت من جميع الجهات * وحضر الأمير بدر الدين بيد را نائب السلطنة الشريفة وجميع الامراء الأكابر عن مقدمى
صفحة ١٧
الألوف وجميع الامراء الخواص والامراء اصحاب الوظائف من الاستاذ دارية والحجاب وغيرهم وكل من له خدمة يخدم بها السلطان ومدت الاسمطة في كل مكان * وأحضرت كل جماعة في إيوأن * وقسم ذلك على كل من قسم له فيه برزق من قاص ودان * وتفقد من لا زاحم في مكان * وأحييت تلك الليلة كلها لم تغمض فيها العيون حتى الصباح ولا هجع فيها انسان انسان * ولما كان بكرة اليوم المذكور حضر مولانا السلطان خلد الله سلطانه وصحبته مولانا الخليفة من جهة باب النصر في موكب لو كان الشهيد رضي الله عنه رآه لأعجبه * ولراقه ما رتبه ولده نصره الله من بعده واستنخبه * ولما دخل هو ومولانا الخليفة جنة القبة المقدسة وتلقتهما ملائكة الرحمة بالاكرام * وادت الى مولانا الشهيد ما اهدياه له من التحية والسلام والاسنسلام * فلو أن للمحراب لسانا لقال وقد جلسا به أنا عين الهدى ومقلة البلاد * وكيف لا ومن بياض ملبوس هذ ا السلطان الابيض وملبوس مولانا الخليفة الاسود قد حزت احسن مما تحوزه العيون من البياض والسواد * ولما قضى مولانا السلطان ذلك احسن ما يقضى * وافضى من ترحمه على والده احسن ما يفضي * قام وقام مولانا الخليفة فأراد مولانا السلطا عيادة من بالمارستان من المرضى * فدخل الى المارستان والملائكة تكتب أجر
صفحة ١٨
خطاه * والححنات تقول سبحان من أعطاه * فأنتعش بنظره كل مريض كانت وهت منه القوى وابتهج * وقال لسان حالهم ومريض أنت عائده قد أتاه الله بالفرج * وركب هو ومولانا الخليفة وعادا من باب النصر الى القلعة المحروسة فرقت الصدقات فلا مكان الا وبة مبرة مبذوله * وصدقة مقبوله * وتفقدات جميله * فكم مستور وصل اليه عطاء مستور * وعطاء موفور * وشمل جماعة من الففهاء والمستحقين من ذلك ما سد خلتهم * ورفع بذلتهم * وكتب مولانا السلطان الى دمشق بعمل مثل ذلك حتى لا يخلو مكان من ترحم على والده الشهيد وتذكر لأيامه * وتقلب بعد موته في انعام ولده وانعامه * فعمل ذلك في الميدان الأخضر ونصبت الستور من الخيام ونوبيتات الخيام السلطانية وبسط الميدان ووقدت الشموع واستكثر من ذلك ومدت الأسمطة ووسع في ذلك وحضر جميع من تعين حضوره واقام ذلك ثلاثة ايام والأيدى ترفع والإجابة تسمع
ففى كل أرض رحمة مستمرة
عليه وبر دائم ليس يترك
وذلك بآبن شرف أللة إسمه
وأعطاه ما لم يعطه متملك
صلاح بلاد ألله والخلق كلهم
ومن شاوه فيما أنتحى ليس يدرك
صفحة ١٩
كريم شجاع عادل متورع
حليم عليم راحم متنسك
فلا زال في عز وملك وبسطة
به الحق يجيى وألأباطيل تهلك
ذكر طاعة الشريف الأمير نجم الدين أبي نمي أمير مكة شرفها الله ودخوله في المراضى الشريفة السلطانية
قد ذكرنا حديث توجه الركب الحجازى وتجهيز الشريف الأمير السيد عز الدين جماز امير المدينة الشريفة النبوية صلوات الله وسلامه على ساكنها وما عومل به من تقديم وما أوتى من فضل عظيم ومن توجه من الامراء والعساكر في هذه السنة صحبة الركب وكان الشريف الأمير السيد نجم الدين ابو نمى امير مكة شرفها الله لما فهم حديث الشريف الامير عز الدين جماز وأنه بألابواب السلطانية قد أحسن المهاجرة وأطال المجاورة خاف مغبة ذلك وأنه سيأتية بما لا قبل له وكلما يقضى بانقطاع سببه فجهز الفقيه شرف الدين ابن الشيخ قطب الدين ابن القسطلاني رسولا وصحبته نجابين فوصل ونسبب وتشفع وتحيل حتي أحضر بين يدي مولانا السلطان وسأل لمرسله العفو والصفح والحلم
صفحة ٢٠
وأحضر من الشريف ابى نمي كتابا مضمونه الضراعة والخضوع والاستكانة وطلب العفو ويذكر تنسبه الى رسول الله صلعم وبمنن عنده من العترة النبوية من آل * وحرم وأطفال * وذرية ما منهم إلا من يقول بجدي أتحسب * وبالنبي صلى الله عليه أتقرب وأتنسب * فكتب اليه في جواب ذلك كتاب عددت فيه ذنوبه وما صدر منه وما سيدهمه مما يعلمة أنه لا تحميه قفار * ولا تنجيه أولياء ولا أنصار * وسير الفقيه شرف الدين ابن القسطلاني اليه عجلا والركب متجهز وربما مبرز فوصل اليه في ثمانية عشر يوما فوجده في منزله في بطن مر وذلك في ليلة الجمعة عاشر شوال فأفهمه الصورة وأعلمة الحال والمستقبل والمآل * فلم بلبث أن جمع عشيرته أولاده وأهله وجميع قواده وركب في وقته وساعته وحضر الى مكة شرفها الله ودخل هز وجميع اولى حله وعقده واولى بأسه وكل فصيلته الذين يؤويهم وقبيلته الذين يقولون بقوله ويرضون بفعله وحضر تحت المنبر وطلع الخطيب في يوم الجمعة عاشر شوال فخطب ودعا لمولانا السلطان بمفرده وترحم على السلطان الشهيد ودعى بذلك على زمزم ولم تجر
صفحة ٢١
له عادة بحضوره الى هذا الموضع الذى جلس به هذه الجلسة هو وأولاده وأقاربه وانما فعل ذلك خدمة لاقامة دعوة مولانا السلطان خلد الله ملكه وحضر قاضي مكة الشريفة والففهاء والعلماء والقراء والصالحون والمجاورون وكتب محضر بهذه الصورة التى جرت وأخذ فيها خطوط الجميع وضربت السكة بالاسم الشريف السلطاني وعاد من جهته الفقيه شرف الدين ابن القسطلاني يحت السير فوصل في ثالث عشر ذي القعدة وصادف الركب الشريف فاستصحب مطالعة من الامير بدر الدين بكتب العلآى امير الركب بهذه الصورة ويستخرج لأمر الشريف فيما يعتمده وحضر الفقية شرف الدين أبن القسطلاني بين يدي مولانا السلطان وأحضر مطالعة الشريف الامير نجم الدين ابى نمي والمحضر المشار اليه وأحضر عدة كتب الى الاكابر من الامراء وإلى نائب السلطنة الشريفة والى الصاحب الوزير شمس الدين يستشفع ويتوسل وبهم الى مراضى مولانا السلطان يتوصل * ومن جميع الذنوب المنسوبة اليه يتنصل * وأنه يسير اولاده وتقادمه ويحضر بنفسه طائعا مسارعا سامعا خاشعا خاضعا فجري مولانا السلطان على عادته في الصفح والعفو والحلم والرحمة وتناسى
صفحة ٢٢